وتعالى ، ولا يجوز التصرّف في ملك الغير إلّا برخصة ، فقبل الشرع كانت محرّمة قطعا وبعد الشرع وإن وردت أخبار البراءة إلّا أنّ معارضتها بأخبار الاحتياط أوجب سقوط الجميع ، فنرجع إلى الأصل الأوّلي.
والجواب أنّ ما ذكر من أنّ الأصل الحظر ليس من المسلّمات ، بل هناك القول المشهور بأنّ الأصل الإباحة وأنّ هذه الملكيّة المذكورة ليست على سنخ هذه الملكيّات الّتي يقبح التصرّف من غير إذن من مالكها ، فكما يتمسّك الأخباري بأصالة الحظر يستطيع الاصولي أن يتمسّك بأصالة الإباحة.
وثانيا : أنّ الأصل الأوّلي وإن كان الحرمة إلّا أنّه حيث لا شرع ولا شريعة ولا يلزم مثله بعد الشرع ، لأنّه قبل الشرع لا يمكن التمسّك بقبح العقاب بلا بيان ، لعدم لياقة المورد للبيان لعدم الرسول وعدم الشريعة بحسب الفرض ، إلّا أنّه بعد الشرع يمكن جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فلا يمكن الرجوع إلى الأصل الأوّلي في الأشياء.
وثالثا : أنّا سلّمنا إمكان جريان الأصل الأوّلي إلّا أنّ الأدلّة الّتي أقمناها على البراءة ـ من حديث الرفع والسعة وغيرها ـ تقطع الأصل ، فافهم.
[تنبيهات البراءة]
وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : أنّ موضوع أصل البراءة العقليّة قبح العقاب بلا بيان ، وموضوع أصل البراءة الشرعيّة عدم العلم. فلو كان في مورد البراءة أصل موضوعي فمعه لا يتحقّق عدم البيان وعدم العلم ، إذ الأصل الموضوعي بيان تعبّدا ، مثلا لو شكّ في جواز تناول هذا الماء وعدمه فاستصحاب نجاسته السابقة مانع عن جريان البراءة العقليّة لوجود البيان ، والشرعيّة ، لوجود العلم تعبّدا. وكذا لو شكّ في نجاسة هذا الشيء الّذي كان خمرا سابقا من جهة الشكّ في بقائه على الخمريّة أو تغيّره وانقلابه إلى