ومن هنا ظهر أنّ كون العمل معنونا بعنوان أنّه بلغ الثواب عليه لا يضرّ أصلا كما في المستحبّات القطعيّة ، فإنّ إتيانها إنّما هو بعنوان بلوغ الثواب عليها ، ومع ذلك لا يناقش في استحباب ذات العمل أصلا.
وبهذا الجواب ظهر الجواب عن الشبهة الثانية ، وهو تقييد الخبر بالتماس الثواب والطلب لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله فإنّ التماس الثواب عبارة اخرى عن قوله : بوجه قربي ، إذ أنّ ذات العمل لا يترتّب عليها الثواب وإنّما يترتّب الثواب على العمل المعنون بعنوان كونه عبادة ، فقوله : التماسا للثواب ، مرادف لقوله : بوجه قربي ، فالتماس الثواب وطلبه موجودان في كلّ عمل واجب أو مستحبّ وإن قطع باستحبابه ، وهذا لا ربط له بكون العمل محبوبا لذاته أو محبوبا برجاء إدراك الواقع ، وما يضرّنا هو الثاني ، والروايتان المقيّدتان لا يعطيانه أصلا حتّى يتكلّم في إمكان كونهما مقيّدتين للباقي من الروايات المطلقة أو لا أصلا. فافهم ما في جواب الآخوند قدسسره ، إذ ظاهره تسليم كون هاتين الروايتين إرشاديّتين إلى حكم العقل ، فافهم.
(نعم ، يمكن أن يقال : إنّ الإخبار عن إيتاء الثواب على العمل الّذي بلغ عليه الثواب لا يدلّ بالملازمة على الأمر به نظير قولنا : من أكل الرمّان يوم الجمعة كان له كذا ، لأنّ أكل الرمّان لا يقضي الثواب بنفسه. فيستكشف من ترتيب الثواب عليه وجود أمر به ونتيجته الاستحباب. أمّا المقام فالإخبار عن الثواب لازم أعمّ لإمكان كون الثواب من جهة الانقياد فلا يقتضي بالملازمة أمرا بالعمل فلا يثبت استحبابه بهذا العنوان.
فالإنصاف أنّ هذه النصوص إنّما تكون إرشادا إلى حكم العقل بحسن الانقياد ولا تثبت أكثر من ذلك ، بل إنّ ظهورها في الاستحباب أقلّ من ظهور أوامر الاحتياط ، لأنّ أوامر الاحتياط مشتملة على أمر مثل : فاحتط لدينك ، وهو ظاهر في المولويّة ، بخلاف المقام فإنّه لا أمر فيه أصلا.