ثمّ إنّه قد يقال : إنّ أخبار من بلغ إنّما تدلّ على استحباب العمل الّذي بلغ عليه الثواب لخصوص من بلغه فلا تشمل المقلّد ، وإنّما تختصّ بخصوص المجتهد الّذي بلغه الثواب بالرواية الضعيفة. ولكنّه مردود بأنّ المقلّد يبلغه الثواب بنفس فتوى ذلك الفقيه بالاستحباب ، فإنّ قوله : يستحبّ كذا ، فيه بلوغ ثواب على عمل فيتحقّق موضوع بلوغ الثواب بنفس الفتيا) (١).
بقي شيئان :
أحدهما : أنّ إطلاق هذه الروايات معارض لما دلّ على اعتبار العدالة في خبر الواحد مثل آية النبأ وغيرها (٢).
والجواب :
أوّلا : أنّها بالنسبة إلى آية النبأ خاصّ فتقدّم روايات من بلغ عليها لتقديم الخاصّ على العامّ ، فإنّ آية النبأ دلّت على اعتبار العدالة في مطلق الروايات وأخبار من بلغ خاصّ بما بلغ عليه الثواب ، وبالنسبة إلى غير آية النبأ ممّا دلّ على اشتراط العدالة في خصوص ما بلغ عليه الثواب لو فرض تقدّم هذه الأخبار لتلقّي الأصحاب لها بالقبول.
وثانيا : أنّا لا نريد إثبات حجّية الخبر الضعيف حيث يكون الراوي فاسقا حتّى يكون منافيا لما دلّ على اشتراط العدالة ، وإنّما نريد تحقيق موضوع البلوغ بورود ذلك الخبر الضعيف ، والجاعل للاستحباب هو أخبار من بلغ لا نفس الخبر الضعيف ، بل الخبر الضعيف محقّق لموضوع أخبار من بلغه ، فافهم.
والثاني : أنّ أخبار من بلغ أخبار آحاد لا تصلح لإثبات الحجّية للخبر الضعيف ، إذ خبر الواحد لا يثبت المسألة الاصوليّة.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) راجع فرائد الاصول ١ : ٢٩٧ ـ ٣١٠.