لكنّ أصل الثمرة المذكورة لا تتمّ إلّا بناء على عدم استحباب الوضوء النفسي وليس كذلك ، بل هو مستحبّ نفسي ، كما قرّر في محلّه. وحينئذ فيصحّ الصلاة بهذا الوضوء كانت أخبار من بلغ دالّة على الاستحباب النفسي أم لم تكن.
فظهر أن لا ثمرة في المقام يمكن أن تكون إلّا فتوى الفقيه ، فإنّه على تقدير استفادة الاستحباب لذات العمل يستطيع أن يفتي بالاستحباب في رسالته العمليّة ، وعلى تقدير عدم استفادة الاستحباب لا يستطيع أن يفتي بالاستحباب ، بل لا بدّ أن يقول : يأتي به رجاء ، فتأمّل.
[التنبيه الرابع] : ثمّ إنّ بعض المحقّقين ـ والظاهر أنّه المحقّق الخونساري قدسسره (١) ـ ذهب إلى عدم جريان أدلّة البراءة في الشبهة الموضوعيّة واختصاص جريانها بخصوص الشبهة الحكميّة عكس الأخباريّين (٢) بدعوى أنّ الشبهة الحكميّة بما أنّ بيانها موكول إلى الشارع فرفع ما لا يعلمون يتناوله ، بخلاف الشبهة الموضوعيّة فإنّ الشارع بتحريمه الخمر أدلى الحجّة وأوضح البيان. فلو اشتبه فرد خارجي أنّه خمر أم خلّ لا يجوز شربه ، لوجود البيان بتحريم الخمر ، ولا بدّ من الخروج عن عهدته قطعا ، وهو إنّما يكون بترك محتمل الخمريّة أيضا كمقطوعها ، لأنّ الشكّ في مرحلة الامتثال بعد إحراز الشغل اليقيني المستدعي للفراغ اليقيني.
وقد أجاب الشيخ الأنصاري قدسسره (٣) عنه بأنّ النهي المتوجّه نحو الشيء من قبل الشارع المقدّس إنّما هو بنحو القضايا الحقيقيّة فينحلّ ذلك النهي إلى أفراد المنهيّ عنه فيكون أحكاما عديدة بعدد أفراد المنهيّ عنه وإن كان الخطاب واحدا ، وحينئذ فلو
__________________
(١) لم نقف عليه.
(٢) انظر الحدائق ١ : ٤٢ ـ ٥١.
(٣) انظر فرائد الاصول ٢ : ١٢٠ ـ ١٢١.