وهذا بعينه جار في المقام ، بتقريب أنّ أجزاء الحيوان إنّما تتكوّن من النباتات والأهوية والمياه وغير ذلك ، فهذه الأشياء هي الّتي تكون مادّة لأجزاء الحيوان ، فإذا شكّ في انقلابها إلى أجزاء حيوان مأكول أو حيوان غير مأكول يستصحب عدم انقلابها إلى غير المأكول ، وأثره حينئذ جواز الصلاة فيه. ولا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم انقلابه إلى المأكول ، لعدم أثر له إلّا بناء على جريان الأصل المثبت ، فإنّ عدم انقلابه إلى المأكول لا حكم له ، إذ الحكم مانعيّة غير المأكول ، نعم ، من باب ملازمة عدم انقلابه إلى المأكول لانقلابه لغير المأكول فلا تصحّ الصلاة فيه ؛ لاقترانها بالمانع هو معنى الأصل المثبت ، فافهم.
[حكم الفوائت المردّدة بين الأقل والأكثر]
(وحيث عرفت أنّ المقام من مقامات البراءة فلا بأس بالتعرّض لمقام آخر من مقامات البراءة وهي ما لو تردّدت الفوائت بين الأقلّ والأكثر.
فمقتضى تسليم جريانها في مقام الدوران بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين لانحلال العلم الإجمالي إلى الأقلّ المتيقّن والأكثر المشكوك فينفى بالبراءة ، هو إجراء البراءة من الأكثر مع أنّ المشهور هو القول بوجوب القضاء حتّى يحصل العلم بالفراغ أو الظنّ به فكيف توجّه فتوى المشهور.
والّذي ينبغي أن يقال في أصل المسألة هو : أنّ القضاء بأمر جديد ، ولا فرق في الفائت الّذي يجب قضاؤه بين كون فوته من جهة نسيان أو غفلة وبين كون فوته عمديّا في أنّ قاعدة الحيلولة تقضي بعدم إتيانه عند الشكّ ، ولزوم إتيانه إن شكّ في الوقت ثمّ تيقّن أنّه لم يأت به بعد ما شكّ فيه ، فلو شكّ في الوقت أنّه أتى بالصلاة أم لا؟ لا بدّ من أن يصلّي حينئذ أداء. فإذا ترك فلا بدّ من القضاء ، لأنّه قد فات منه الواجب الظاهري ، ولا فرق بين كون الفائت ظاهريّا أو واقعيّا في وجوب القضاء ، والقضاء معلّق على الفوت وهو عنوان وجودي ، وأصالة عدم الإتيان بالصلاة في