ويقع الكلام في دوران الأمر بين المحذورين
قد ذكرنا أنّ التكليف تارة يدور بين الوجوب وغير الحرمة ، واخرى بين الحرمة وغير الوجوب ، وثالثة بين الوجوب والحرمة وهو المعبّر عنه بدوران الأمر بين المحذورين.
ولا يخفى أنّ محلّ كلامنا في ما إذا كان الاحتمال دائرا بين الوجوب والحرمة فقط ، وأمّا إذا احتمل غيرهما ، كما إذا احتمل الوجوب والحرمة والإباحة فلا إشكال في جريان البراءة فيه ، لعدم العلم بالإلزام ، فتجري أدلّة البراءة العقليّة والنقليّة ، إذ الإلزام غير معلوم ولا بيان به أيضا ولا مخالف حتّى من الأخباريّين ، لأنّهم يخالفون في الشبهة التحريميّة أو الوجوبيّة حيث يمكن الاحتياط لا مثل المقام.
كما أنّ محلّ الكلام ما إذا لم يكن العلم الإجمالي منحلّا من جهة أصل من الاصول يعيّن أحد الأمرين ، كما إذا كان الوجوب بحسب الحدوث معلوما ودار الأمر بين بقائه وبين حرمته فالاستصحاب القاضي ببقاء الوجوب موجب لانحلال العلم الإجمالي ، فهو خارج عن محلّ الكلام أيضا.
فمحلّ الكلام يقع في مقامين :
أحدهما : ما إذا كان الواجب والمحرّم توصّليين بمعنى كون الواجب توصّليّا والمحرّم توصّليّا.
والثاني : إذا كان أحدهما تعبّديّا أو كلاهما.