ويقع الكلام الآن في الأوّل وهو تارة يكون في واقعة واحدة ، واخرى يكون في واقعتين.
[دوران الأمر بين المحذورين في واقعة واحدة توصلية]
أمّا الكلام في الأوّل فهو مثل أنّه لا يعلم أنّه حلف على السفر أو على ترك السفر ففي هذا المقام الأقوال خمسة :
الأوّل : جريان البراءة عقلا ونقلا ، لأنّ وجوب السفر كحرمته غير معلوم ولا بيان فيه.
الثاني : تقديم جانب الحرمة ، لأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة.
الثالث : التخيير الشرعي.
الرابع : عدم الحكم الشرعي في المقام ـ لعدم شمول أدلّة الاصول للمقام ـ ولكنّ التخيير بين الفعل والترك عقلا واختاره الميرزا النائيني قدسسره (١).
الخامس : التخيير العقلي والحكم بالإباحة شرعا واختاره الآخوند قدسسره (٢).
قال الاستاذ الخوئي : والأقوى من هذه الأقوال الأوّل ، وهو جريان البراءة شرعا وعقلا.
ثمّ إنّ الأقوال الباقية لا بدّ من التعرّض لها فإذا بطلت تعيّن الأوّل.
فنقول : أمّا تقديم جانب الحرمة ؛ لكون ترك المفسدة أولى من جلب المصلحة ، فهذه القاعدة أيّ دليل دلّ عليها؟ وليست خبرا حتّى يتعبّد به ، ولا آية حتّى تكون حجّة علينا ، نعم هي عبارة مشهورة ولكن ربّ مشهور لا أصل له.
وثانيا : على تقدير التسليم إنّما يتمّ هذا إذا كانت المصلحة معلومة والمفسدة معلومة ودار الأمر بينهما ، أمّا إذا كانتا محتملتين فلا ؛ إذ لو دار الأمر بين الحرمة
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٣ : ٤٤٥.
(٢) كفاية الاصول : ٤٠٤.