إن قلت : إنّ دوران الأمر بين التعيين والتخيير لا يخصّ الأوامر والنواهي اللفظية ، بل يشمل المأمور به والمنهيّ عنه اللذين استفيدا من إجماع أو شبهه ، وعلى تقدير اختصاص دوران الأمر بين التعيين والتخيير بالأمر والنهي المستفادين من الأدلّة اللفظية ، فلا يخصّ خصوص ما إذا كان لهما إطلاق ، بل قد لا يكون للدليلين اللفظيين إطلاق ، فلعلّ المقام وهو دوران الأمر بين المحذورين من هذا القبيل.
قلت : ليس من هذا القبيل وذلك أنّ صورة كون الوجوب والتحريم مستفادين من إجماع أو دليل لا إطلاق له يدور الأمر فيهما بين التعيين والتخيير ، والقول بالاتيان بمحتمل التعيين حينئذ إنّما هو من جهة إحراز الملاك في كل من الإلزامين ، وإنّما المانع عدم القدرة على الإتيان بكلا الملاكين فلو احتمل حينئذ أهمية أحد الملاكين فهو مجز قطعا في مقام الامتثال ، إذ الملاك فيه إمّا مساو لملاك الآخر أو أرجح من ملاك الآخر فهو مجز قطعا ، بخلاف الإتيان بالثاني فإنّه لا قطع بالإجزاء بالنسبة إليه لو أتى به لاحتمال كون الآخر أهم ، ولا يجزي عقلا الإتيان بالمهم عند التمكّن من الإتيان بالأهم ، وليس المقام من هذا القبيل إذ لا إحراز فيه إلّا لأحد الإلزامين فلا إحراز إلّا لأحد الملاكين ، إلّا أنّا نعلم أنّه على تقدير كون الملاك ملاكا للوجوب هو مقدّم وأقوى من ملاك التحريم مثلا ، فافهم.
هذا كله فيما إذا كان دوران الأمر بين المحذورين في واقعة واحدة شخصية وكانتا توصليّتين.
[دوران الأمر بين المحذورين في التعبديّات]
أمّا لو كانا أو أحدهما تعبديا أو كان الدوران في واقعتين فالآن نتكلم عنهما :
أمّا إذا كانا أو أحدهما تعبديا مثل المرأة في أيام الاستظهار حيث لا يجري الاستصحاب ، فإنها يدور أمرها بين كونها طاهرة فتجب عليها الصلاة أو حائضا فتحرم عليها الصلاة بناء على حرمتها الذاتية حال الحيض ، ففي مثل هذا المقام