ردّ السلام مثلا ، فحكم العقل لا يكون أهمّ بالنسبة إلى ما كان أهمّ عند الشارع ، بل هو على حدّ سواء ، وحينئذ فالأهميّة إنّما هي بحكم الشارع ولا تزاحم بين حكمي الشارع أصلا ، إذ يمكنه أن يمتثلهما فلا مزاحمة في الامتثال. نعم ، لا يمكنه إحراز الامتثال أمّا أصل الامتثال فممكن ، فلا مزاحمة بين حكمي الشارع حتّى يرجّح بالأهميّة ، إذ متعلّق كلّ من الحكمين للشارع غير متعلّق الآخر ، والتزاحم إنّما هو في حكم العقل بلزوم إحراز الامتثال ، وليس في حكم العقل ما هو أقوى حتّى يقدّم.
والحكم الشرعي الناشئ من العلم بالحلف على وطي زوجته في ليلة خاصّة والحلف على ترك وطئها ليلة خاصّة فاشتبه عنده الليلتان يقتضي وجوب موافقة كلا العلمين وحرمة مخالفتهما ، وحيث إنّ وجوب الموافقة من كلّ منهما يعارضها وجوب موافقة الاخرى فلا تستطاع [و] تسقط ، ولكن حرمة المخالفة القطعيّة لا يعارضها شيء ؛ لأنّ ترك المخالفة القطعيّة ممكن بالوطي في إحدى الليلتين المشتبهتين والترك في الليلة الثانية ، فتجب الموافقة الاحتماليّة وهو معنى حرمة المخالفة القطعيّة.
هذا تمام الكلام في العلم الإجمالي بالواقعة المتعدّدة الّتي دار الحكم فيها بين المحذورين من جهة الاشتباه بين زمان البعث وزمان الزجر.
ويلحق بها ما إذا علم باتّحاد حكم موضوعين ولكنّه لا يعلم أنّ الحكم المتّحد بينهما هو الوجوب أو التحريم ، مثلا يعلم بيمينين صدرا منه لا يعلم أنّهما وقعا على وطي زوجته ليلة الخميس والجمعة ، بحيث الأوّل منهما على وطئها ليلة الخميس والثاني على وطئها ليلة الجمعة ، أو أنّهما وقعا على ترك وطئها ، الأوّل على الترك ليلة الخميس والثاني على الترك ليلة الجمعة ، فهو عالم باتّحاد متعلّقي اليمينين إلّا أنّه لا يعلم بأنّ المتعلّق في كلّ منهما هو الوطي أو المتعلّق في كلّ منهما تركه بحيث لا يحتمل الاختلاف أصلا ، وهذا المورد هو الّذي وقع الخلاف فيه بين الأعلام في كون التخيير فيه بدويّا أم استمراريّا بعد تسالمهم فيه على التخيير.