ولا يخفى عليك ما في كلامه قدسسره وذلك أنّ العلم لا يعقل أن يكون له مدخليّة في فعليّة التكليف ؛ وذلك لأنّ فعليّة التكليف إنّما تدور مدار موضوعها ، والموضوع بالنسبة إلى الحكم من قبيل العلّة والمعلول ، فلا يمكن وجود الموضوع مع عدم فعليّة الحكم. وإن زعم أنّ العلم أحد أجزاء الموضوع ، فمع تصريحه باستحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع ذلك الحكم [نقول] إنّ كلامنا إنّما هو في العلم الطريقي لا الموضوعي ، مضافا إلى إمكان أخذ العلم التفصيلي في موضوع الحكم أيضا ، فلا معنى لجعل متعلّق العلم التفصيلي فعليّا من جميع الجهات.
ثمّ إنّ الكلام يقع في تنجيز العلم الإجمالي وعدمه ، وقبل الخوض في ذلك لا بأس بتقديم مقدّمة هي :
أنّ احتمال التكليف لا ينفكّ عن احتمال العقاب ، وهذا هو معنى تنجيز احتمال التكليف ، ففي الشبهة البدويّة مطلقا أو الموضوعيّة بخصوصها تجري أدلّة البراءة الشرعيّة والعقليّة ، فيكون مؤمّنا للمكلّف عن ترك محتمل الوجوب أو فعل محتمل التحريم.
في جريان الأدلة الشرعية في أطراف العلم الإجمالي وعدمه
وإنّما الكلام أنّه إن كان احتمال التكليف في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي فهل تجري أدلّة البراءة الشرعيّة أو العقليّة في أطراف المعلوم بالإجمال كلّها فهو معنى عدم تنجيز العلم الإجمالي وجواز المخالفة القطعيّة ، أو تجري في بعض الأطراف دون بعض وهو معنى حرمة المخالفة القطعيّة وإن لم تجب الموافقة القطعيّة ، أو لا تجري الاصول في الأطراف لا كلّا ولا بعضا وهو معنى تنجيز العلم الإجمالي ووجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة؟
ولا يخفى أنّه لا فرق بين أن يكون العلم الإجمالي في مقام ثبوت أصل الحكم كما إذا علم بوجوب الظهر أو الجمعة أو في مقام الامتثال كما إذا أتى بواجبين