التنبيه الثالث : أنّ أطراف العلم الإجمالي لو كانت متباينة في الأثر ـ كما لو علم إجمالا بأنّه إمّا حلف على قراءة سورة التوحيد يوم الخميس أو على قراءة سورة القدر يوم الجمعة ـ لزم ترتيب كلا الأثرين لتساقط الاصول فيكون احتمال التكليف منجّزا لعدم المؤمّن.
أمّا لو كانت ذات أثر واحد مترتّب على كلا الطرفين ولأحد الطرفين أثر آخر يترتّب عليه بخصوصه فهل يكون تساقط الاصول موجبا لترتّب جميع الآثار لجميع الأطراف أم لا؟ مثلا لو علم بوقوع قطرة من بول إمّا في إناء الماء المطلق وإمّا في إناء الماء المضاف ، فعلى تقدير وقوعها في المضاف لا تحدث أثرا غير حرمة شربه ، وعلى تقدير وقوعها في الماء المطلق فلها أثران : أحدهما حرمة شربه فحرمة الشرب مشترك بين الطرفين ، والآخر حرمة الوضوء به. فله حينئذ لو وقع في المطلق أثران ، ولو وقع في المضاف أثر واحد.
ذهب الميرزا النائيني قدسسره إلى جريان الأثر المشترك حسب وعدم جريان الأثر الآخر فيجوز الوضوء به (١).
ولم يعلم وجه لما ذهب إليه قدسسره بعد فرض تساقط الاصول في كلا الطرفين ، فإنّ أصالة الطهارة إذا سقطت في كلّ منهما لا يجوز الوضوء به أيضا ، إذ لا يجري الأصل في إحراز طهارته حتّى يجوز الوضوء به ولا يكون الاحتمال منجّزا ، بل الاحتمال منجّز لعدم المؤمّن من احتمال النجاسة.
نعم ، لو كان العلم الإجمالي متعلّقا بسبب الحكم وكان الحكم معلوما بالتفصيل مثل ما لو علم بكون ذمّته مشغولة إمّا لزيد بدرهم لأنّه اقترضه منه ، وإمّا لزيد
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٢٩.