بدرهمين لأنّه كسر إناءه الّذي تكون قيمته درهمين ، فأصل شغل الذمّة معلوم تفصيلا والعلم الإجمالي تعلّق بسببه ، فهنا يكون نظير دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، فيكون الأقلّ معلوما والأكثر مشكوكا بدوا فأصالة البراءة تكون مؤمّنا ، وكذا لو كان الموضوع مختلفا كما لو علم إجمالا بكونه مقروضا لزيد بدرهم أو لعمرو بدرهمين ، وهذا لا يجري حيث يكون الحكم المعلوم النجاسة والمعلوم إجمالا أسبابها أنّها بول حتّى تغسل مرّتين أو دم حتّى يغسل مرّة ، فإنّ استصحاب النجاسة يعيّن الأكثر (فيما يعتبر فيه الطهارة ، لأنّ أصالة البراءة من الغسلة الثانية لا تحرز طهارته ، فاستصحاب النجاسة جار ما لم يحكم عليه استصحاب آخر كاستصحاب العدم الأزلي إن قيل به. هذا كلّه في الواجبات الاستقلاليّة.
وأمّا الارتباطيّة ، كما إذا علم بأنّه نذر صوما إمّا في رجب فهو يوم واحد وإمّا في شعبان فهو مردّد بين اليوم الواحد واليومين ، وفيه ينفي اليوم الثاني من شعبان بالبراءة لدورانه بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، فالأقلّ وجوبه معلوم وإن تردّد بين الضمنيّة والاستقلاليّة ، ويجب عليه أن يصوم يوما من رجب ويوما من شعبان لدورانه بين المتباينين بالإضافة إليهما.
نعم ، لو علم بأنّه ترك ظهر يوم الخميس لكن تردّد في كونه تماما أو قصرا لا بدّ له من الاحتياط بقضائها قصرا مرّة وتماما اخرى ليحرز الفراغ بعد إحراز التكليف ، وليس من التكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر بل هما متباينان ليس إلّا) (١) ، فافهم.
التنبيه الرابع : فيما إذا كان بعض الأطراف خارجا عن محلّ الابتلاء وهو إنّما يكون حيث تكون الأطراف تدريجيّة فهل يكون العلم الإجمالي منجّزا لتعارض الاصول وتساقطها أم لا؟ وقبل الخوض في ذلك ينبغي أن يعلم أنّ محلّ كلامنا إنّما هو حيث لا يكون مورد العلم الإجمالي ذا أصل موجب للشغل ، وإلّا فلو كان هناك
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.