التنبيه الخامس : في الشبهة الغير المحصورة ، ويقع الكلام تارة في معرفة الشبهة الغير المحصورة وتمييزها خارجا ، واخرى في أحكامها.
أمّا الكلام في مفهومها فنقول : ذكر بعضهم أنّ الشبهة الغير المحصورة ما لا يمكن عدّ أطرافها.
ولا يخفى عليك أنّ عدم إمكان عدّ الأطراف يختلف فالألف لا يمكن عدّه في ربع ساعة مثلا لكن يمكن عدّه في ساعة ، والمليون لا يمكن عدّه في يوم ولكن يمكن عدّه في أسبوع مثلا وهكذا ، فلم يعلم المراد من عدم إمكان العدّ.
كما أنّه ذكر بعضهم أنّ الشبهة الغير المحصورة ما لا يمكن عدّ أطرافها في زمن قليل (١).
ولا يخفى أيضا مشاركته لسابقه في الإجمال ، إذ لم يعيّن فيه الزمن القليل ولم يعلم المراد منه ، مضافا إلى عدّهم الشاة في قطيع الغنم محصورا والقرص في ضمن وعاء يحتوي على ألف قرص محصورا أيضا مع عدم إمكان عدّهما في الزمن القليل.
كما ذكر بعضهم أنّ الشبهة الغير المحصورة أن لا تكون محصورة عرفا.
ولا يخفى أنّ عدم الحصر العرفي لم يعلم ما هو ، مضافا إلى أنّها من الاصطلاحات الخاصّة ولا يمكن في مثلها تحكيم العرف ، خصوصا وليست في لسان دليل أو آية حتّى يرجع في تشخيصها إليه ، مضافا إلى أنّها لو كانت في لسان رواية أيضا لا يرجع إلى العرف ، لكون الحكم وهو التنجّز وعدمه عقليّا دائرا مدار المناط لا شرعيّا حتّى يرجع إلى العرف في فهم خطاب الشارع.
وقد ذكر الشيخ الأنصاري قدسسره أنّ الشبهة الغير المحصورة هي أن تبلغ الأطراف حدّا يكون احتمال التكليف في كلّ طرف بخصوصه احتمالا موهوما (٢).
__________________
(١) انظر نهاية الأفكار ٣ : ٣٢٨ ـ ٣٣٠ ، والفرائد ٢ : ٢٦٨ ـ ٢٧٣.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٢٧١.