[الاضطرار إلى غير المعيّن]
وأمّا إذا اضطرّ إلى أحدهما الغير المعيّن كما إذا كان كلا الإناءين لبنا واضطرّ إلى أحدهما لا بعينه لوفائهما في رفع العطش ففي هذه الصورة يكون العلم الإجمالي منجّزا قطعا لعدم احتمال الاضطرار إلى النجس حتّى يرتفع حرمته لو كانت حتّى يصير الشكّ شكّا في التكليف ، بل إنّه مضطرّ إلى أحدهما. نعم ، النجس يكون رافعا للاضطرار لا أنّه مضطرّ إليه ، فإذا اضطرّ إلى أحدهما لا بعينه فشرب أحدهما ففي الصورة الواضح عدم التنجّز فيها من الصور السابقة وهي صورة ما لو اضطرّ ثمّ علم بنجاسة متأخّرة الوقوع في أحدهما يكون الطرف الآخر محرّما عليه فضلا عن غيرها من الصور الثلاثة الأخر ، وأثره حينئذ إنّما هو حرمة تناولها معا بمعنى حرمة المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ حرمة النجس الواقعي لا ترتفع بالاضطرار إلى غيره كما هو المفروض ؛ لأنّ النجس غير مضطرّ إليه وإن كان في الوفاء بالغرض كالطاهر إلّا أنّه تتعارض فيه الاصول وتتساقط فيحرم الطرف الثاني لحرمة النجس المنجّزة بتساقط الاصول.
وبالجملة ، إنّ تحريم النجس الواقعي الموجود فيما بين هذين الإناءين لم يرتفع ، لعدم الاضطرار إلى النجس قطعا فالحرمة باقية بحالها ، فإذا فرض بقاء الحرمة بحالها فلا يمكن للشارع أن يرفع اليد عن المحرّم الواقعي فيرخّص في المخالفة القطعيّة بارتكاب كلا الإناءين ، فهو من هذه الناحية كما لو لم يكن ثمّة اضطرار إلى أحدهما في تنجيز العلم الإجمالي ، لكن لمّا اضطرّ إلى أحدهما فلا يمكن الشارع حينئذ بقاء كلّ منهما على لزوم الاجتناب لأدائه إلى تلف النفس.
لكن لا يمكنه أن يرفع كلّي التنجيز لعدم الموجب له فجعل أوّل فرد يختاره المكلّف حلالا إمّا لكونه حلالا بحسب الواقع لعدم كونه النجس ، أو لكونه وإن كان نجسا في الواقع إلّا أنّه نظير إجراء الأصل في الشبهة البدويّة لو صادف أنّ مجرى الأصل محرّم في الواقع تكون مصلحة الحكم الظاهري أقوى من مصلحة الحكم الواقعي ، ولا يلزم