(ولو علم إجمالا أنّه إمّا التراب مغصوب أو الماء نجس ، فهنا أيضا تتعارض أصالة الطهارة مع أصالة الإباحة ويكون من دوران الأمر بين المحذورين ، فتجب الموافقة الاحتماليّة إلّا أنّه يتعيّن هنا الماء لعدم المبغوضيّة في استعماله بخلاف التراب لاحتمال الإثم من جهة الغصب ، ولو انعكس المثال انعكس الحكم) (١).
ملاقي بعض أطراف الشبهة
ويقع الكلام في مقامين :
الأوّل : في الملاقي بعد تنجيز العلم الإجمالي ، وقبل الخوض في ذلك لا بدّ من تمهيد مقدّمة هي : أنّ العلم الإجمالي :
ـ تارة يتعلّق بالحكم كما إذا علم بوجوب الظهر أو الجمعة ، وفي مثله لا محيص عن تنجّزه لتساقط الاصول في جميع الأطراف بتعارضها ، ولا يمكن جريانها في البعض دون الآخر ؛ لأنّه ترجيح من غير مرجّح.
ـ وتارة يتعلّق بموضوع ذي حكم وهو :
ـ تارة يكون تمام الموضوع للحكم كما إذا علم بخمر مردّد بين الإناءين بالنسبة إلى حرمة شربه فإنّ الخمر تمام الموضوع بالنسبة إلى حرمة شرب الخمر ، وفي مثله أيضا تتساقط الاصول فينجّز العلم الإجمالي ؛ لأنّ وجود الموضوع ذي الحكم في الخارج قطعا وجود لحكمه قطعا ، فالتكليف محرز قطعا ولا مؤمّن لتساقط الاصول.
ـ واخرى يكون بعض الموضوع فلا يكون العلم الإجمالي منجّزا ، وفي الحقيقة ليس لنا علم بالتكليف ؛ لأنّ المكلّف لا علم له بوجود تمام الموضوع للحكم وإنّما علم بجزئه ، ومع العلم بالجزء لا علم بالتكليف الّذي يكون موضوعه مركّبا من الجزء المحرز والجزء المشكوك ، ومثاله ما لو علم وجود الخمر في أحد الإناءين فشرب
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.