لأنّ العبرة بالمعلوم لا بوقت حصول العلم ، فالنجاسة الآن علمنا أنّ الاصول فيها في طرفها متعارضة ومتساقطة ، فهي يعني الاصول متعارضة ومتساقطة فالملاقي يوم السبت يشكّ في توجّه التكليف باجتنابه ، ولكن أصالة الطهارة مثلا أو الحلّ مؤمّن في ارتكابه ولا معارض له لسقوط الاصول في الأطراف ، فالعلم الإجمالي بالنجاسة اليقينيّة يشكّ في انطباقها على أيّ الإناءين ، فالشكّ في انطباق المعلوم بالإجمال على كلّ واحد من الإناءين ، وبالنسبة إلى الملاقى يشك في حدوث النجاسة فيه وعدمها فهو شكّ في الحدوث ولا شكّ في الانطباق.
أمّا لو كان زمن الملاقاة وزمن وقوع النجاسة واحدا كما إذا كان هناك إناءان وفي أحدهما طرف ثوب مثلا فعلم بوقوع قطرة البول بأحدهما لا على التعيين فهنا يجب اجتنابهما معا ، يعني يجب اجتناب الملاقي والملاقى معا ، وذلك لأنّ العلم الإجمالي تعلّق إمّا بنجاسة الإناء الآخر وإمّا بنجاسة الإناء الملاقى وملاقيه فأحد طرفي العلم الإجمالي الإناء والطرف الآخر هو الإناء وملاقيه ؛ لأنّ النجاسة الحادثة يشكّ في تطبيقها على أيّهما ، مثل ما لو كان إناء عن يمين الإنسان وإناءان عن يساره فعلم بوقوع قطرات البول إمّا في الإناء الّذي هو على اليمين وإمّا في الإناءين اللذين هما على اليسار فيكون العلم الإجمالي قاضيا بوجوب الاجتناب عن الأواني الثلاثة ، وإن كان في موردنا نجاسة الملاقي مسبّبة عن نجاسة الملاقى (*).
__________________
(*) هذا ما ذكرناه سابقا ولكن دقيق النظر يقتضي بكون العبرة بزمن العلم وحصوله ؛ لأنّه زمن تنجيز العلم الإجمالي وزمن جريان الاصول ، وحينئذ فتجري الاصول الثلاثة في زمن واحد فيتحقّق حينئذ علم إجمالي بنجاسة هذا الإناء وملاقيه أو بنجاسة الطرف الآخر فينجّز العلم الإجمالي فيجب الاجتناب عن الملاقي أيضا كما يجب الاجتناب عن نفس الإناءين ولا أثر للمعلوم في نفسه بعد فرض عدم حصول العلم في زمن النجاسة الواقعيّة ؛ إذ الكلام في جريان الاصول الّتي هي أحكام ظاهرية متقوّمة بالشكّ ولا دخل لها بالواقع أصلا ، فلا تفصيل بين القسمين. (من إضافات الدورة الثانية).