فهو نظير من علم ليلا إمّا بفساد صلاة الظهر لنقصان ركوعها وإمّا بفساد صلاة الصبح لفساد طهارتها فقاعدة الفراغ متعارضة بالنسبة إلى الطهارة وصلاة الصبح وصلاة الظهر ، لكن لا يقال : إنّ قاعدة الفراغ لا تجري بالنسبة إلى صلاة الصبح ، لأنّ الشكّ فيها ناشئ عن الشكّ في الطهارة ، وفي مثل المقام لا إشكال في تنجيز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الإناء الغير الملاقي والملاقي وملاقاه.
والسرّ في ذلك ـ يعني في تنجيز العلم الإجمالي ـ مع أنّ رتبة الملاقي أسبق من رتبة ملاقاه لتفرّعه عليه هو أنّ تأخّر رتبة الملاقى عن ملاقيه لا تستدعي تأخّر رتبته عمّا هو برتبة الملاقي لما ذكرناه في مبحث الضدّ من أنّ تأخّر المعلول عن علّته رتبة لا تستدعي تأخّر المعلول عمّا هو في رتبة العلّة وهو عدمها ، وقد تقدّم بيانه في مبحث الضدّ تفصيلا ، فإذا كان تأخّر شيء عن شيء رتبة لا يستدعي تأخّره عمّا هو في رتبته ، فتأخّر الملاقي عن الملاقى رتبة لا يقتضي تأخّر الملاقي رتبة عمّا هو في رتبة الملاقى وهو الإناء الثاني فيكون في رتبة الإناء الثاني فيتعارض الأصل الجاري فيه مع الأصل الجاري فيه.
(وتحقيق المقام أنّ التنجّز والتعذير من الأحكام العقليّة الّتي لا يرفع تعارضها إلّا التقدّم والتأخّر الزمانيّين دون الرتبتين ، ويمكن تقريبه بوجهين :
أحدهما : أنّ الأصل في الثوب لا يجري مع جريانه في الإناء الملاقي له لارتفاع الشكّ عن الثوب بجريان الأصل في الإناء الملاقي له إلّا أنّ الأصل في الإناء الثاني لا يرفع الشكّ عن الثوب فلا مانع حينئذ من جريانه وتتحقّق التعارض والتساقط.
__________________
ـ ولكنّه أيّده الله قد عدل عنه في دورته الثالثة إلى ما في المتن بتقريب أنّ الشكّ في الإناءين والملاقي وإن كان في زمن واحد إلّا أنّ الشكّ في الإناءين شكّ في انطباق المعلوم بالإجمال على أيّهما فلا تجري الاصول فيهما لمنافاته للمعلوم الإجمالي لو جرت فيهما وللزوم الترجيح من دون مرجّح لو جرت في أحدهما. أمّا الملاقى فهو على تقدير كونه متنجّسا فنجاسته حادثة وهي مشكوك فيها فيجري فيه الأصل بلا معارض. (من إضافات الدورة الثالثة).