وينبغي أن يعلم أنّ محلّ الكلام في موضعين :
أحدهما : فيما إذا كان المكلّف به ذا أجزاء خارجيّة ارتباطيّة ، ويسمّى بالشك في الجزئيّة.
الثاني : فيما إذا كان المكلّف به ذا أجزاء تحليليّة عقليّة ، ويسمّى بالشكّ في الشرطيّة.
والكلام في الأوّل أيضا يقع في مقامين :
أحدهما : في جريان البراءة العقليّة.
وثانيهما : في جريان البراءة الشرعيّة.
[في جريان البراءة العقلية في الأقل والأكثر]
أمّا الكلام في الأوّل وهو جريان البراءة العقليّة ، وهو قبح العقاب بلا بيان.
فنقول : ذكر الشيخ الأنصاري قدسسره (١) في جريانها وجها ملخّصه أنّ الأقلّ متيقّن إمّا بالأصالة وإمّا مقدّمة للكلّ فهو واجب إمّا نفسيّا وإمّا غيريّا ، فكلّي الوجوب فيه متيقّن وأمّا الزائد فيشكّ في التكليف به ، فتجري فيه البراءة لانحلال العلم الإجمالي إلى متيقّن قطعي ومشكوك بدوي.
ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره الشيخ الأنصاري ـ مع فساده في نفسه لعدم اتّحاد سنخ وجوب الأقلّ مع سنخ الوجوب النفسي المعلوم إجمالا ـ مخالف لمبناه أيضا ، فإنّ ما ذكره مبنيّ على القول بأنّ أجزاء الواجب الخارجيّة واجبة وجوبا غيريّا ، وهو لا يلتزم به ؛ لأنّ الوجوب الغيري إنّما يكون للمقدّمة المتميّزة بحسب الوجود الخارجي عن ذيها ، وقد قدّمنا في بحث المقدّمة عدم اتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري أصلا.
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٢ : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.