وبالجملة ، فكما أنّ الأكثر من نفس الأجزاء ينفى بالقاعدة لعدم البيان ، كذلك كون الغرض الإعدادي مترتّبا على الأكثر دون الأقلّ ينفى بها أيضا فيقبح العقاب.
هذا تمام الكلام في جريان البراءة العقليّة ، وقد تلخّص أنّ الحق جريانها ؛ لأنّ ذات الأقلّ بطبيعته مطلوب قطعا بالطلب النفسي إمّا مع ضميمة غيره ، وإمّا وحده والأكثر مشكوك بدوا فينفى تقييده بالضميمة بالأصل.
في جريان البراءة الشرعيّة في الأقلّ والأكثر
أمّا إذا قلنا بجريان البراءة العقليّة فبعين ذلك التقريب تجري البراءة الشرعيّة فإنّ الأكثر مشكوك فهو غير معلوم فيجري فيه «رفع ما لا يعلمون» ولا يصغى إلى ما ذكره الآخوند ب «إن قلت قلت» من أنّه إذا رفع وجوب الأكثر فبما ذا يثبت وجوب الأقلّ (١)؟
قال الاستاذ الخوئي دامت إفاداته : أظنّ أنّ هذا الإشكال وجوابه ليس هذا مكانه ، وإنّما مكانه ما إذا نسي بعض أجزاء المركّب فهناك يحصل المجال للإشكال بأنّ المركّب من جزءين إذا نسي بعض أجزائه يرتفع التكليف به ، فمن أين يأتي تكليف بالباقي بعد رفع التكليف بالمركّب؟ وممّا ينبّه عليه وجود «النسيان» في بعض نسخ الكفاية المصحّحة ، ولا مجال لهذا الإشكال هنا ، لأنّ العلم في المقام حاصل تفصيلا بوجوب الأقلّ فلا معنى لقول : أيّ دليل يدلّ على وجوبه؟
وأمّا إذا لم نقل بجريان البراءة العقليّة فهل تجري البراءة الشرعيّة كما عليه الآخوند (٢) والميرزا النائيني قدسسرهما (٣) أم لا تجري؟ الظاهر الثاني ؛ لأنّ عدم جريان البراءة العقليّة إن كان من جهة الغرض فالشرعيّة أيضا لا تجري لعين المحذور ،
__________________
(١ و ٢) انظر كفاية الاصول : ٤١٦.
(١ و ٢) انظر كفاية الاصول : ٤١٦.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٤٩٤.