وبعبارة اخرى تعلّق التكليف بعتق الرقبة معلوم ونشكّ في اعتبار تقيّدها بالإيمان فينفى تقيّدها بالإيمان بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ لأنّ في اعتبار التقييد كلفة في مقام الثبوت والإثبات ، والأصل عدمها. وإذا جرت البراءة العقليّة فالنقليّة أوضح ؛ لأنّ التقييد غير معلوم فحديث الرفع يرفعه.
وأمّا القسم الثالث وهو كون الشيء المشكوك شرطيّته ليس له وجود خارجي في مقابل المشروط به وكان عند العرف من قبيل المقوّم للمشروط ، مثل ما إذا علمنا بوجوب إكرام إلّا أنّا لا نعلم أنّا مكلّفون بوجوب إكرام إنسان أو وجوب إكرام حيوان ، ذهب الميرزا تبعا للآخوند قدسسرهما (١) إلى جريان قاعدة الاشتغال في المقام عقلا ونقلا ؛ لأنّ الحيوان بما هو جنس ليس له وجود في الخارج ؛ لأنّ الجنس لا وجود له في الخارج إلّا في ضمن فصله ، وحينئذ فيدور أمر وجوب الإكرام بين أن يكون متعلّقا بخصوص المتحصّص بالإنسانيّة أو بالمتحصّص بفصل ما من الفصول فيكون من صغريات دوران الأمر بين التعيين والتخيير والحكم فيه هو الاشتغال.
[دوران الأمر بين التعيين والتخيير]
فنقول : لا بدّ من الكلام في أنّ مقتضى القاعدة في دوران الأمر بين التعيين والتخيير ما هو؟ لأنّ المقام من صغرياته ، فيقع الكلام في هذه الكبرى الكلّية فنقول ـ وبالله الاستعانة ومنه التوفيق ـ :
إنّ دوران الأمر بين التعيين والتخيير إمّا أن يكون من جهة الشكّ في كيفيّة الجعل بأن نشكّ في أنّ الوجوب الّذي قد جعله الشارع على الشيء الفلاني هل جعله بنحو التعيين فيه أو بنحو التخيير بينه وبين أمر آخر؟ وإمّا أن يكون من جهة المزاحمة
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤١٧ ، أجود التقريرات ٣ : ٥٠٧.