وأمّا ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره من أنّه ورد النهي عن القطع الحاصل من القياس في رواية أبان (١) فلا يخفى ما فيه :
أوّلا : ضعف سند الرواية.
وثانيا : ضعف دلالتها إذ لا تصريح فيها بأنّ أبانا كان قاطعا ، نعم كان مطمئنّا.
وثالثا : أنّه عليهالسلام أزال قطعه لا أنّه نهاه عن العمل على طبق قطعه مع فرض وجود قطعه ، وهذا أمر ممكن ، إذ لا تنازع في أنّ المولى يستطيع أن يزيل قطع إنسان فلا يعمل به ، كما أنّه يمكن أن ينهاه أوّلا عن الخوض في مقدّمات بخصوصها لئلّا يحصل له القطع منها. أمّا إذا حصل له القطع فبعد حصوله له لا يعقل أن ينهاه عن العمل به لاستلزامه جمع الضدّين في نظر القاطع أو في نفس الواقع ، وما يكون محالا في نظر المخاطب به يستحيل جعله ، فافهم.
(ورابعا : أنّ محلّ الكلام أن يكون القطع من طريق مانعا عن لزوم العمل على طبق الحكم وإن كان الحكم ثابتا في الواقع ، ومعلوم أنّ الحكم الّذي قطع به أبان لم يكن في الواقع أصلا ، فتأمّل) (٢).
فظهر ممّا ذكرنا أنّ القطع الطريقي لا يمكن أن يؤخذ في موضوع حكم نفسه لأدائه إلى الدور كما تقدّم ذكره.
(ثمّ إنّ ما ذكرناه من استحالة تقييد التكليف بالعلم به إنّما هو في مقام الجعل والاعتبار ، وأمّا التقييد به في مقام المبرز فلا مانع منه ، نظير أن ينادي المولى عبيده العشرة الّذين يعلم عدم بلوغ صوته إلّا إلى خمسة منهم ويجعل تكليفه مقيّدا بخصوص من بلغه صوته منهم لا مطلقا ، وهذا أمر ممكن لا مانع منه. فإن أراد
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ١٣ ـ ١٤.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.