هذا تمام الكلام في دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، وقد علم أنّ مقتضى القاعدة حيث يكون الشكّ في كيفيّة الجعل التخيير ، والتعيين حيث يكون الشكّ في الدوران من جهة التزاحم أو الطريقيّة.
[الكلام في الشك في الجزئية والشرطية وأنها مشروطة بحال الذكر أم لا؟]
إذا علم جزئيّة شيء لشيء أو شرطيّة شيء لشيء في الجملة ودار أمرها بين أن تكون جزئيّة أو شرطيّة مطلقة حتّى في صورة النسيان ليبطل العمل الفاقد لها وبين أن تكون جزئيّتها أو شرطيّتها حال العمد فلا يبطل العمل بتركها نسيانا فهل مقتضى القاعدة الأوّل أو الثاني؟
والكلام يقع في مقامات :
الأوّل : أنّ العمل الّذي قد ترك جزؤه أو شرطه نسيانا وحكم الشارع بدليل خاصّ بصحّته هل يحكم بصحّته بما أنّه امتثال للأمر المتوجّه ، أو يحكم بصحّته بما أنّه واجد لملاك الأمر وإن لم يكن مأمورا به لفقد الشرط أو الجزء؟ المعروف بينهم هو الثاني لعدم توجّه التكليف إلى الناسي ؛ لأنّه إن توجّه التكليف إليه بعنوان الناسي مع عدم وصوله إليه فلا يعقل داعويّة الأمر الغير الواصل ومحرّكيّته ، وإن وصل فلا يمكن محرّكيّته أيضا لخروجه عن كونه ناسيا وتفطّنه لنسيانه فيكون ملتفتا والمفروض أنّ الخطاب خطاب للناسي فلا يحرّكه أصلا.
وقد أجاب الآخوند قدسسره (١) في دفع هذه الشبهة بجوابين :
أحدهما : أنّه يمكن أن يوجّه إليه الخطاب لا بعنوان الناسي بل بعنوان ملازم للناسي واقعا ويكون الناسي غير ملتفت إلى ملازمته أصلا.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤١٩ ـ ٤٢٠.