ففي مثله لا بدّ من القول بالجزئيّة المطلقة وعدم سقوطها حال الإكراه ؛ لأنّ حديث الرفع لما لا يعلمون لا يأتي هنا ؛ لأنّ إطلاق الدليل علم ومعه لا مجال للأصل العملي وكذا رفع النسيان أو الإكراه.
ولا يخفى أنّه في هذا القسم لا فرق بين كون المطلوب من قبيل صرف الوجود أو من قبيل مطلق الوجود كالصوم ، أمّا إذا كان من قبيل صرف الوجود فواضح ؛ لأنّه حيث كان لدليل الواجب إطلاق لم يرتفع الجزئيّة حال الإكراه أو الاضطرار فكيف بما لا إطلاق فيه؟ وأمّا إذا كان من قبيل مطلق الوجود فإنّه وإن رفع حديث رفع النسيان أو الإكراه أو الاضطرار جزئيّة الشيء أو شرطيّته إلّا أنّ مؤدّى رفع الجزئيّة أو الشرطيّة أنّ هذا ليس جزءا ولا شرطا حال الإكراه أو الاضطرار واقعا ولكن أيّ دليل يثبت وجوب بقيّة أجزاء الواجب أو شرائطه؟ والفرض أن لا إطلاق لدليل الواجب لصورة الإكراه أو الاضطرار فلعلّ وجوبه خاصّ بصورة الاختيار.
وأمّا إذا انعكس الأمر بأن كان لدليل الواجب إطلاق ولم يكن لدليل الجزئيّة إطلاق وإنّما ثبتت بالإجماع كالاستقرار بالنسبة إلى الصلاة ، فإنّ لدليل الصلاة إطلاقا مسلّما لجميع الحالات من الذكر والنسيان وغيرهما ودليل الاستقرار ليس إلّا الإجماع. فلو اكره على الحركة أو اضطرّ إليها أو نسي فتحرّك فإطلاق دليل الصلاة يوجبها ولا يسقطها ، إذ لا دليل على ثبوت الجزئيّة في مثل المقام ، ولا فرق حينئذ بين أن يكون المطلوب من قبيل صرف الوجود أو مطلق الوجود ؛ لأنّ الجزئيّة قاصرة الشمول لهذه الصورة ، وليس رفعها بحديث الرفع ليقال : إنّه لا يرفع إلّا ما تعلّق به التكليف فيفرق بين صرف الوجود كما في الواجبات الموسّعة ومطلق الوجود كما في الواجبات المضيّقة ، بل إنّ رفع الجزئيّة بعدم العلم بكونها جزءا حينئذ ، إذ المفروض أن لا إطلاق لدليل الجزئيّة أو الشرطيّة.
بقي هنا شيء وهو أنّه ربّما يتوهّم أنّ من موارد عدم إطلاق دليل الجزئيّة ما إذا كان دليل الجزئيّة أمرا مثل «تشهّد» لا مثل «لا صلاة إلّا بطهور» فإنّ «تشهّد»