فيتعارضان في المقام إلّا أنّ القاعدة تقتضي ترجيح «لا تعاد» لأنّها حاكمة على دليل الجزئيّة أو الشرطيّة ، فإنّ الإعادة المستفادة من الخبرين السابقين معناه اعتبار عدم تلك الزيادة في الصلاة ، وحديث لا تعاد ناظر إلى تلك الأجزاء المأتيّ بها زائدة أو المتروكة سهوا فنقول : إنّها لا تعاد الصلاة منها إلّا من خمسة ، فهو رافع لاعتبار عدمها حال النسيان ووجودها حال عدم الترك العمدي ، فافهم فإنّها وإن كان بين قوله : «فعليه الإعادة» وقوله : «استقبل الصلاة استقبالا» وبين «لا تعاد» تعارض بحسب النظر البدوي إلّا أنّها بعد التأمّل في «لا تعاد» وكونها رافعة للجزئيّة أو الشرطيّة حال السهو تكون حينئذ حاكمة على ما دلّ على وجوب الإعادة فتأمّل. وعلى تقدير التعارض وعدم الحكومة فالمرجع هو البراءة.
فيما إذا تعذّر بعض أجزاء المركّب
إذا تعذّر بعض أجزاء المركّب أو شرائطه فهل مقتضى القاعدة وجوب الباقي أو سقوطه؟ ويقع الكلام تارة فيما يقتضيه دليل الواجب ودليل الجزئيّة ، واخرى فيما يقتضيه الأصل العملي ، وثالثة فيما هو مقتضى الأدلّة الخاصّة.
أمّا الكلام فيما يقتضيه دليل أصل الواجب ودليل الجزئيّة أو الشرطيّة فقد ظهر الكلام فيه ممّا مرّ ، من أنّه إن كان لكليهما إطلاق فدليل الجزئيّة بإطلاقه يكون مقيّدا لإطلاق دليل الواجب بخصوص المختار القادر فيقتضي بطلان الباقي عند التعذّر.
وإن كان دليل الجزئيّة مطلقا بلا أن يكون إطلاق لفظي لدليل أصل الواجب ، فمقتضى إطلاق دليل الجزئيّة اعتبار الجزء حتّى حال التعذّر ، فإذا تعذّر الجزء سقط وجوب الباقي ، لعدم العلم بوجوب الباقي حينئذ.
وإن كان لدليل الواجب إطلاق وليس لدليل الجزئيّة أو الشرطيّة إطلاق فمقتضى إطلاق دليل الواجب سقوط المتعذّر ، لعدم العلم بجزئيّته حال التعذّر وإنّما المتيقّن من جزئيّته حال القدرة فيبقى الباقي واجبا بمقتضى إطلاق دليل الوجوب وقد تقدّم تفصيله.