شخصا قد تعذّر عليه بعض أجزاء الواجب ، ومع ذلك قد توجّه الوجوب نحوه حتّى يستصحب ذلك الوجوب الأوّلي ، كما في جميع موارد فتوى المجتهد فإنّ المجتهد لا يعتبر في حكمه الموضوع الفعلي لكنّه يعتبر الموضوع التقديري ؛ لأنّه لا يجري الاستصحاب وإنّما يحكم بإجراء الاستصحاب عند فعليّة ذلك الموضوع المقدّر وجوده ، وفي المقام لا يمكن فرض فعليّة الوجوب فيه ، وهو واضح بحسب الظاهر.
فتلخّص أنّ الاستصحاب إنّما يجري حيث يكون الموضوع المقدور عليه نفس المكلّف به المتعذّر جزؤه عرفا حيث يطرأ التعذّر ، وإلّا فلو كان التعذّر من أوّل الوقت موجودا فالأصل البراءة من التكليف بالباقي ، هذا ما يقتضيه الأصل العملي في المقام ، وقد ذكرنا أنّه البراءة في غير المتعذّر بعد دخول الوقت ممّا يعدّ والواجد واحدا عرفا ، فافهم وتأمّل.
[في قاعدة الميسور]
فيقع الكلام في المقام الثالث وهو : فيما تقتضيه الأدلّة الخاصّة :
فنقول : أمّا الصلاة فهي بموجب ما اشتهر من أنّ الصلاة لا تسقط بحال ، فجميع أجزائها أو شرائطها إنّما تكون أجزاء وشرائط لها مع القدرة.
نعم ، خصوص الطهارة من الشرائط الّتي لا تسقط شرطيّتها بحال من الأحوال. ومن ثمّ ذهب المشهور إلى سقوط الصلاة بتعذّرها ولزوم القضاء حينئذ وإن ذهب كثير ممّن تأخر إلى سقوط اعتبارها عند التعذّر فيجب الإتيان بالصلاة وإن كانت فاقدة للطهارة أيضا (١).
وإنّما الكلام في غير الصلاة فنقول : قد ذهب بعضهم إلى وجوب باقي أجزاء الواجب بعد تعذّر بعض أجزائه متمسّكا بالروايات الثلاثة المعروفة :
__________________
(١) انظر الجواهر ٥ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ و ١٣ : ١٠ ـ ١١.