وإنّما الكلام حيث يكون المورد من موارد وجوب الفحص ويتمكّن من تحصيل العلم بالواقع فهل يجوز له ترك الفحص والإتيان بالاحتياط أم لا بدّ من الفحص؟ والكلام يقع في موارد ثلاثة :
الأوّل : ما لا يكون الاحتياط فيه مستلزما للتكرار.
الثاني : ما ليس مستلزما للتكرار لكن مع العلم الإجمالي بالتكليف.
الثالث : ما كان مستلزما للتكرار كان معه علم إجمالي بالتكليف أم لا ، مثل أن يشكّ المكلّف في وجوب الزكاة في مال التجارة وعدمه.
أمّا الكلام في الأوّل فالظاهر كما هو المعروف المشهور حسن الاحتياط فيه ، نعم من اعتبر معرفة الوجه في العبادة التزم بأنّ الاحتياط في طول العلم التفصيلي لا في عرضه.
فيقع الكلام في اعتبار معرفة الوجه ، فنقول : إنّ معرفة وجه العمل ليست بمعتبرة أصلا :
أمّا أوّلا : فلأنّا نقطع بعدم اعتبارها ؛ لأنّ الإتيان بالواجبات تبتلي به العامّة ، فعدم العثور على ذكر له في الأخبار يورث القطع بعدم اعتباره ، فعدم الدليل حينئذ دليل على العدم.
وأمّا ثانيا : فعندنا دليل على عدم اعتباره ، وهو قوله في الوضوء : «إذا كان بنيّة صالحة يقصد بها ربّه» (١) فمثل هذا الخبر لا يعتبر أكثر من القربة. ولو شككنا في اعتباره فالبراءة ترفع التكليف حينئذ فالوجه حينئذ غير معتبر.
ولكنّ الميرزا النائيني (٢) ذهب إلى كون الامتثال الاحتياطي في طول الامتثال التفصيلي في مثل المقام لا من جهة اعتبار معرفة الوجه والجزم ، بل من جهة أنّ
__________________
(١) الوسائل ١ : ٨٠ ، الباب ٢٤ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٣.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٢٦٩.