ولا يخفى أنّ ما ذكره الآخوند فيه مسامحة من جهتين :
الاولى : أنّ الأوّل لا يتمّ بدون الثاني فهما دليل واحد لا دليلان ، وذلك أنّ العمل الواجب إن كان اتي به بداع عقلائي فهو باطل لعدم القربة به حينئذ ، فلا فرق بين أن يكون لداع عقلائي أم لا ، وإن كان التكرار لداع عقلائي فهو اللعب والعبث بالكيفيّة.
الثانية : أن لا لعب ولا عبث بكيفيّة الإطاعة ؛ لأنّ الإطاعة هي الإتيان بالواجب وفي الإتيان بالواجب لا لعب ولا عبث ، وإنّما اللعب والعبث في تحصيل القطع بالامتثال ، فاللعب بالمقدّمة العلميّة لا بالواجب ولا بكيفيّته أصلا ، فافهم وتأمّل.
فقد ظهر ممّا ذكرنا أنّه لا مانع من الاحتياط حتّى فيما يمكن فيه تحصيل العلم التفصيلي ، سواء كان هناك علم إجمالي بالتكليف أم لا ، كان مستلزما للتكرار أم لا.
وكما ظهر أنّ من عليه القصر أو الإتمام ؛ لأنّه سافر أربعة فراسخ ولا يريد العود ليومه وأراد الاحتياط مع كون فتوى مقلّده لزوم القصر لا يتعيّن عليه تقديم فريضته بحسب تقليده وهي القصر أوّلا ، ويأتي بها بنيّة الوجه الجزميّة ثمّ يأتي بالاحتياط تماما ثانيا ، بل له أن يقدّم الاحتياط وهي التمام أوّلا لعدم اعتبار نيّة الوجه الجزميّة ، على أنّا لو اعتبرنا نيّة الوجه الجزميّة فالقصر ـ سواء قدّمه أو أخّره ـ يأتي به بنيّة الوجه الجزميّة ؛ لأنّ الإتيان بالتمام ليس إتيانا بالواجب بحسب تكليفه.
الكلام في شروط جريان البراءة : [لزوم الفحص]
ولا ريب في اشتراط الفحص في جريان البراءة العقليّة ؛ لأنّ العقل لا يستقلّ بقبح العقاب إلّا حيث لا يكون ثمّة بيان ، فلا بدّ من إحراز عدم البيان وإنّما يحرز إذا فحص فلم يجد بيانا ، فحينئذ يتحقّق حكم العقل بقبح العقاب وهو واضح. وإنّما الكلام في اشتراط الفحص في جريان البراءة الشرعيّة مع إطلاق أدلّتها