وأمّا إذا كان الاستصحاب في الموضوع فهو كبقيّة الشبه الموضوعيّة لا يجب فيه الفحص ، لرواية زرارة الدالّة على أنّ من شكّ في إصابة الدم لثوبه لا يجب عليه النظر لثوبه حتّى يعلم أنّه أصابه أم لا (١).
وأمّا لزوم الفحص في التخيير العقلي فواضح أيضا ، إذ مورده التردّد بين المحذورين ، ومع عدم الفحص لا يتردّد بين المحذورين فبدون الفحص لا مقتضي للتخيير.
(وأمّا مقدار الفحص المسوّغ للرجوع بعده إلى الاصول فهل يكتفى بحصول الظنّ بعدم الدليل أم لا بدّ من حصول الاطمئنان بعدم الدليل أم لا يكفي إلّا القطع بالعدم؟ لا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّ الظنّ لا يغني عن الحقّ شيئا.
نعم ، لو حصل الاطمئنان بعدم الدليل فهو حجّة عقلائيّة لا رادع في المقام عنها ، وبحصول الاطمئنان بالعدم يخرج عن كونه جاهلا بالحكم إلى كونه عالما بمؤدّى الاصول. وحينئذ فلا حاجة إلى القطع بالعدم ، لعدم المقتضي له بعد حصول المطلوب بالاطمئنان ، مضافا إلى ندرته لعدم تيسّره غالبا.
وأمّا ما يحصل به الاطمئنان فهو سهل بعد ثبوت الأخبار في كتب أصحابنا فمن تفحّص في الوسائل في مظانّ الحاجة بحسب الأبواب والوافي ، وأجال نظره في الحدائق أيضا في المحلّ المناسب يحصل له الاطمئنان بالعدم لو لم يجد في هذه الكتب شيئا) (٢).
بقي الكلام في أمرين :
أحدهما : فيما إذا لم يفحص حيث يجب الفحص وعمل بلا فحص فهل يعاقب أم لا؟
الثاني : في حكم عمله وأنّه صحيح أم لا بدّ من الإعادة والقضاء؟
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٠٦٣ ، الباب ٤٢ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢ و ١٠٦١ ، الباب ٤١ من الأبواب ، الحديث ١.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.