والمرفوع بالاستصحاب نفس الابتلاء لا احتماله فالاستصحاب لا أثر له ، فافهم وتأمّل ، (فإنّ هذا الكلام إنّما يتمّ لو لم يقم الاستصحاب مقام القطع الطريقي ، أمّا لو قلنا بقيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي كما اختاره الميرزا النائيني (١) وتقدّم الكلام فيه مفصّلا فهذا الشخص عالم بعدم ابتلائه بذلك الحكم بمقتضى الاستصحاب. إلّا أن يقال : إنّ الرواية المزبورة الدالّة على وجوب التعلّم موردها صورة الشكّ فلا بدّ من تقديمها على الاستصحاب وإلّا لزم تخصيص الأكثر المستهجن ، فافهم وحينئذ فيلزم الفحص في هذه الصورة أيضا) (٢).
وبالجملة ، فمثل هذا الشخص المحتمل لتوجّه التكليف إليه بذلك الشيء يجب عليه تعلّم حكمه ، إذ احتمال التكليف منجّز فلو لم يتعلّم حكمه فصادف أنّه كلّف به مثلا فتركه لعدم تعلّم حكمه ، يتوجّه إليه قوله : «هلّا عملت؟ فيقول : ما علمت ، فيقال له : هلّا تعلّمت؟».
وبالجملة ، فالمؤمّن من احتمال التكليف قبح العقاب بلا بيان وهو لا يجري في مثل المقام ؛ لأنّ احتمال الضرر موجود ودفع الضرر المحتمل لازم. فهذا باحتماله توجّه التكليف إليه في ظرفه إذا لم يتعلّم حكمه فهو محتمل للوقوع بالضرر بترك الواجب أو ملاكه ومصلحته ، ودفع الضرر المحتمل لازم. (والاستصحاب لا يجري كي يكون مؤمّنا من جهة إطلاق أدلّة وجوب التعلّم ، إذ تخصيصها بصورة العلم بالابتلاء تخصيص بفرد نادر مستهجن) (٣). ومن هنا حكم الشيخ الأنصاري (٤) بوجوب تعلّم حكم ما احتمل الابتلاء به أو علم الابتلاء به وحكم بعدم وجوب تعلّم حكم ما لا يحتمل الابتلاء به احتمالا عقلائيّا بل هو احتمال ضعيف.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٣ : ١٩ ـ ٣٠.
(٢ و ٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢ و ٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٤) فرائد الاصول ٢ : ٤١١.