المورد الثالث : في بيان معنى لا ضرر ولا ضرار وقد ذكر لها معاني أربعة :
الأوّل : أن يراد بلا ضرر ولا ضرار النهي عن إضرار أحد أحدا والقيام معه مقام الضرر ، ويكون النفي هنا بمنزلة النهي نظير قوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)(١) فإنّها فسّرت في بعض الروايات (٢) بالنهي عن ذلك في الحجّ ، وهو كثير جدّا مثل «لا غشّ في الإسلام» (٣) ، و «لا رهبانية في الإسلام» (٤) و «لا سبق أو لا سبق إلّا في نصل ...» (٥).
وحينئذ فلا وجه لما زعمه صاحب الكفاية قدسسره (٦) ـ بعد تصريحه بإمكان ذلك كما في استعمال الجملة الخبرية المثبتة في مقام الطلب فكذا المنفيّة ـ بأنّه لم يعهد النهي بمثل هذه التراكيب ، فإنّها أكثر من أن تحصى.
ودعوى : أنّه يحملها كلّها على نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، فاسدة بعدم إمكان ذلك في الآية بعد تفسيرها وفي مثل «لا غشّ» وشبهها.
__________________
ـ ابن بكير عن زرارة ـ الوسائل ١٢ : ٣٦٤ ، الباب ١٧ من أبواب الخيار ، الحديث ٣ ـ ولكن رواية ابن مسكان عن زرارة ـ المصدر المتقدّم : الحديث ٥ ـ ليست هكذا وإنّما هي بقوله : «ما أراك يا سمرة إلّا مضارّا ولا ضرر ولا ضرار» ثمّ قلعت فرمى بها إليه ، وما ذكرناه من الاحتمال هو الظاهر من هذه الرواية ، فافهم. (الجواهري).
(١) البقرة : ١٩٧.
(٢) الوسائل : ٩ : ١٠٨ ، الباب ٣٢ من أبواب تروك الإحرام.
(٣) لم نقف عليه بعينه ولكن ورد : ليس منّا من غشّ مسلما ، البحار ٧٥ : ٢٨٤ ، و : لا غشّ بين المسلمين ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٨.
(٤) لم نقف عليه بعينه ولكن ورد : لا رهبانية ولا سياحة ، البحار ١٦ : ٣٣٠.
(٥) الوسائل ١٣ : ٣٤٨ ، الباب ٤ من أحكام السبق والرماية ، الحديث ١ و ٢ و ٤.
(٦) كفاية الاصول : ٤٣٢ ـ ٤٣٣.