الثاني : أن يراد بها نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ذكره الآخوند قدسسره (١).
الثالث : أن يراد بها نفي الحكم رأسا من غير نظر إلى موضوع في المقام ، فهو نفي للحكم الضرري وإن لم يكن له موضوع ، ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره (٢). والفرق بينه وبين الثاني أنّ الثاني يحتاج إلى تحقّق موضوع يكون حكمه ضرريّا حتّى ينتفي ذلك الحكم الضرري ، أمّا إذا لم يكن له موضوع فلا يجري وهذا بخلاف الثالث فإنّه نفي للحكم الضرري ، سواء كان له موضوع كالوضوء الضرري أم لا كلزوم البيع فإنّ اللزوم من الأحكام الوضعيّة لا موضوع له ؛ لأنّ الأحكام الوضعيّة كاللزوم لا تعلّق له بالموضوع أصلا.
وقد ردّ الآخوند قدسسره هذا الوجه بأنّ الضرر ينشأ من الحكم ، ومن المستبشع أن ينفى الضرر ويراد سببه (٣).
الرابع : أن يكون المراد بنفي الضرر نفي الضرر الغير المتدارك ، فيكون معنى «لا ضرر» لا ضرر غير متدارك في الإسلام. ولا يخفى أنّه ليس المراد أنّ المنفيّ في الخبر مقيّد ، بل لأنّ الضرر المتدارك ليس ضررا فهو خارج عن موضوع هذه القاعدة ، وحينئذ فيكون أمرا بالتدارك للضرر الحاصل ، نقله الشيخ الأنصاري (٤) عن بعض الفحول (٥) وهذا الاحتمال أردأ الاحتمالات المذكورة ؛ لأنّ تدارك الضرر ليس نفيا له بل هو موجود ويتدارك ، فإنّ صرف الضمان ليس رفعا للضرر ، ولا يطلق عليه أنّه ليس ضررا إلّا بنحو المجاز ، مضافا إلى أنّ هذا الحمل يقتضي تأسيس فقه جديد ،
__________________
(١) انظر المصدر المتقدّم.
(٢) رسائل فقهيّة : ١١٤.
(٣) كفاية الاصول : ٤٣٣.
(٤) رسائل فقهية : ١١٤.
(٥) الفاضل التوني صاحب الوافية انظر الوافية : ١٩٤ ، ورسائل فقهيّة : ١١٤.