كما أنّه لا يتمّ الرابع أيضا بأنّ الحكم الاقتضائي إن اريد به المصلحة فليست هي في مساق الأحكام ولا في طرازها ، مع أنّ لا دليل على لزوم تحصيل المصالح حيث لا ضرر لفرض وحدة الدليل وكونه اقتضائيّا في الفرضين.
وإن اريد بالحكم الاقتضائي شيئا آخر فهو مع عدم تعقّله وتصوّره أصلا لا معنى له ؛ لأنّ الحكم حينئذ يكون اقتضائيّا وحينئذ فما هو الموجب لذلك الحكم في غير مورد الضرر مع عدم ظهوره في الفعليّة؟ فإنّه إن كان ظاهرا في الفعليّة لا يرفع اليد عن ظهوره لاحتمال المانع أمّا مع عدم ظهوره ـ كما هو المدّعى وحمله في مورد الضرر على الاقتضائيّة لعدم ظهوره في الفعليّة ـ فما الدليل على فعليّته في غير موارد الضرر ، مع احتمال أن يكون ثمّة مانع آخر عن الفعليّة؟ فافهم وتأمّل.
ثمّ إنّ هذا كلّه على تقدير أن يكون بينهما تعارض.
وأمّا بناء على ما سنذكره إن شاء الله من أنّ دليل لا ضرر حاكم على موارد الأحكام فينتفي حينئذ موضوع التعارض ، وتقرير ذلك أن يقال : إنّ نتيجة تعارض العامّ والخاصّ الّتي هي تقديم الخاصّ لأظهريّته دلالة على العامّ ، ونتيجة تعارض العموم من وجه الّتي هي تقديم أحدهما على الآخر من جهة أقوائيّة الدلالة هي حاصلة بالحكومة المدّعاة. وبيان ذلك يتوقّف على بيان معنى الحكومة وتطبيق المورد عليها والدليل على تقدّم دليل الحاكم على دليل المحكوم فنقول : الحكومة الواقعيّة أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى دليل الآخر وشارحا إيّاه بحيث يؤدّي بألفاظه النتيجة من تقديم الخاصّ على العامّ.
والحكومة على أنواع :
الأوّل : أن يكون الحاكم واردا بلفظ «أعني وأردت وقصدت» وهذا في غاية الندرة.