الثاني : أن يكون ناظرا إلى عقد الوضع من الدليل المحكوم ومبيّنا لموضوعه إمّا موسّعا كما في قوله : «الطواف في البيت صلاة» (١) أو مضيّقا كما في قوله : «لا شكّ لكثير الشكّ» إذ ليس المراد أنّه لا يشك ؛ لأنّه فرضه كثير الشكّ ، بل المراد أنّ الحكم المترتّب على الشاكّ من البناء على الأكثر مثلا هو منفيّ عن شكّ كثير الشكّ ، فيكون قصرا لحكم الشكّ بغير كثير الشكّ وكقوله : «لا ربا بين الوالد وولده». وهذا القسم كثير جدّا في الأحكام الشرعيّة.
الثالث : أن يكون دليل الحاكم ناظرا إلى عقد الحمل من دليل المحكوم فيكون موسّعا لحكم أو مضيّقا ، وهذا لم نجد له مثالا في الأحكام الشرعيّة إلّا (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢) ومثل «لا ضرر ولا ضرار» فإنّها ناظرة إلى الأحكام الموضوعة على الأشياء بعناوينها الأوّليّة فمثل «لا ضرر» تقول بأنّ تلك الأحكام إنّما تثبت في غير موارد الضرر وأمّا موارده فلا ، فهي ناظرة إلى الحكم. فالمراد بالتفسير منها هو ما ذكرنا من استفادة التوسعة منها لفظا وكذا التضييق مثلا ، وهذا هو مراد الشيخ الأنصاري من قوله : بمثل قصدت وعنيت ونحوه (٣) فإنّ هذا الّذي ذكرناه داخل في قوله «ونحوه».
فلا مجال لإيراد الآخوند بأنّ ورود «قصدت وعنيت» قليل في الشرع المقدّس (٤) فإنّه لم يقصره عليهما بل أضاف قوله «ونحوه» وهذا من نحوه.
__________________
(١) سنن البيهقي ٥ : ٨٧.
(٢) الحج : ٧٨.
(٣) انظر الفرائد ٤ : ١٣١.
(٤) لم نقف عليه في الكفاية ولا في تعليقته على الفرائد ولكن هذا الإيراد أورده النائيني رحمهالله انظر أجود التقريرات ٤ : ٢٨١.