ونظيرها رواية تحف العقول الصريحة في حرمة الإضرار بالنفس (١) إلّا أنّ الاولى معلوم أمرها فإنّ الفقه الرضوي لم يثبت كونه رواية فضلا عن صحّتها ، ورواية تحف العقول لا تصلح لضعفها مستندا.
نعم ، هناك رواية رواها الشيخ في التهذيب (٢) ونقلها عنه صاحب الوسائل في الأطعمة والأشربة «إنّ الله حرّم الدم والخمر ولحم الخنزير والميتة لعلمه بضررها» (٣) وهذه الرواية ـ مع احتمال أن يكون المراد منها العلم بالضرر الأخلاقي المانع من وصول المرء إلى درجات الكمال كما يؤيّده قوله : (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما)(٤) فيظهر منها أنّ في الخمر نفعا للبدن ـ ظاهرة في كون علمه بالضرر حكمة من حكم التشريع لا علّة كي يدور الحكم مدارها وإلّا لأبحنا أكل مقدار حمصة من الميتة لأنّها لا تضرّ قطعا.
وبالجملة ، فلم نجد دليلا دالّا على حرمة الإضرار بالنفس ، بل في بعضها ما يظهر منه جواز الإضرار بالنفس مثل رواية أكل الجبن وحده والجوز وحده مع حلّيتهما (٥).
في صحّة الوضوء الضرري وبطلانه
لو توضّأ الإنسان مع علمه بالضرر أو الحرج في الوضوء فهل يحكم بصحّة وضوئه أو فساده أو يفصّل بين موارد الضرر فيحكم بالفساد وموارد الحرج
__________________
(١) تحف العقول : ٣٣٧ ، والوسائل ١٧ : ٦٢ ، الباب ٤٢ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث الأوّل.
(٢) التهذيب ٩ : ١٩٨ ، الحديث ٢٨٨.
(٣) الوسائل ١٦ : ٣٠٩ ، الباب الأوّل من أبواب الأطعمة المحرّمة ، الحديث الأوّل.
(٤) البقرة : ٢١٩.
(٥) الوسائل ١٧ : ٩٠ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، والباب ٦٢ ـ ٦٥.