واشتغل بالصلاة فهي واجدة لأمرها بموجب إطلاق الأمر المرتفع حيث يشتغل بالإزالة. وهذا بخلاف المقام فإنّه حيث يجب صرف الماء في حفظ النفس المحترمة لا أمر بالوضوء أصلا ؛ لأنّه فاقد للماء بحكم الشارع فلا يصحّ وضوءه حينئذ لأنّه لم يؤمر به وإنّما أمر بالتيمّم فافهم (*).
[في أنّ حديث لا ضرر يحكم على عدم الحكم أم لا؟]
بقي الكلام في أنّ حديث «لا ضرر» كما يحكم على الأحكام الوجوديّة هل يحكم على عدم الحكم؟ مثلا لو فرض أنّ شخصا حبس شخصا آخر بغير حقّ فتضرّر المحبوس بسبب الحبس عن تجارته فهل يحكم على الحابس بالضمان بقاعدة «لا ضرر» لأنّ عدم الحكم بالضمان ضرري أم لا؟ ونظيره الزوجة إذا لم ينفق عليها الزوج إمّا لعسره أو لحبسه أو لعصيانه فهل يحكم بجواز طلاق الحاكم الشرعي لها لأنّ عدم الحكم بجواز طلاق الحاكم لها ضرري أم لا؟ ذهب الميرزا النائيني قدسسره (١) إلى عدم جريان قاعدة «لا ضرر» في المقام لأمرين :
أحدهما : أنّ قاعدة «لا ضرر» إنّما تنفي الأحكام المجعولة ولا تتعرّض لموارد عدم الحكم.
__________________
(*) هذا بناء على أنّ الوضوء مشروط بالوجدان للماء عقلا وشرعا فمع وجوب صرفه في حفظ النفس المحترمة لا يكون واجدا شرعا. أمّا إذا قلنا ـ كما اخترناه أخيرا ـ كون الوجدان هو الوجدان العرفي فهو متحقّق في المقام ، فيكون مزاحما لما دلّ على صرفه في حفظ النفس المحترمة والثاني أهمّ فيتقدّم ، فإذا عصاه ـ والمفروض أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ـ فصرفه في الوضوء غير محرّم فيكون الوضوء صحيحا لكونه واجدا للماء عرفا فيصحّ بالترتّب. (من إضافات بعض الدورات اللاحقة).
(١) انظر منية الطالب ٣ : ٤١٨.