قلت : إنّ إقدامه على الضرر موقوف على جريان القاعدة في حقّه وعلمه بذلك والكلام بعد في أصل الجريان ، نعم في خصوص المرأة الّتي امتنع زوجها من الإنفاق عليها أخبار خاصّة بأنّه عليه إمّا الإنفاق أو الطلاق (١) فإذا امتنع من الإنفاق ولم يكن من ينفق عليها غيره أيضا يجبر على الإنفاق فإن لم يمكن اجبر على الطلاق ولا ينتقل إلى الحاكم. نعم ، إن امتنع من الطلاق يفعله الحاكم حسبة فيكون مخصّصا لعمومات : «الطلاق بيد من أخذ بالساق». وما زعم من تعارض هذه الرواية بروايات أخر ، لا يخفى ضعفه ، لعدم التعارض لأنّهما في موضوعين ، فافهم ؛ (لأنّ موضوع الرواية الّتي زعم معارضتها موردها عجزه عن المواقعة فقال عليهالسلام : «ابتلت ببليّة فلتصبر» (٢) كما أنّ أخبار الغائب (٣) ظاهرة في كون عدم الإنفاق لعذر) (٤).
الكلام في تعارض الضررين
وقد وقع الكلام فيه بين الأعلام في موقعين :
أحدهما : إذا دار أمر المكلّف الشخصي بين أن يقع في هذا الضرر أو يقع في هذا الضرر وحيث قدّمنا أنّ الإضرار بالنفس ليس على إطلاقه محرّما فلا مجال لهذا البحث أصلا ؛ لأنّه قد دار أمره بين أمرين مباحين. نعم لو كان أحدهما بالغا مرتبة التحريم دون الثاني فلا ريب في ترك المحرّم منه وارتكاب الثاني ، كما أنّه لو دار بين ضررين محرّمين فمع مساواتهما ملاكا يتخيّر ومع أهميّة أحدهما ملاكا في التحريم يتعيّن الأضعف وكذا مع احتمالها. وكذا لو دار أمره بين إضرارين لأجنبيّ ؛ لأنّه من باب التزاحم والمناط فيه قوّة الملاك.
__________________
(١) انظر الوسائل ١٥ : ٢٢٣ ، الباب الأوّل من أبواب النفقات.
(٢) انظر المستدرك ١٥ : ٣٣٧ ، الباب ١٨ من كتاب الطلاق ، الحديث ٧ مع اختلاف يسير.
(٣) انظر الوسائل ١٥ : ٣٨٩ ، الباب ٢٣ من كتاب الطلاق.
(٤) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.