فيصحّ أن تقوم الأمارة بدليل اعتبارها مقام القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الكاشفيّة ، (ولو لا ذلك لم يكن لمجتهد أن يفتي ، لأنّه إنّما يحصل الحكم بالأمارات وليست علما لو لا التنزيل. كما أنّ به تنحلّ عويصة الإشكال في إجراء الاستصحاب حيث يثبت الحكم الّذي يراد استصحابه بالأمارة ، إذ قد اخذ في موضوع الاستصحاب عدم نقض اليقين بالشكّ ، فلولا أنّ الأمارة يقين لم يجر استصحاب ذلك الحكم) (١). بل اليقين الّذي جعل غاية في دليل الاستصحاب أيضا تقوم الأمارة مقامه ، إذ لو لا ذلك لأشكل تقديم الأمارة على الاستصحاب ، مثلا لو شكّ الإنسان بعد أن كان متطهّرا في أنّه نام أم لا فقامت البيّنة على أنّه نام فلو لا أنّ البيّنة هنا تكون يقينا جعليّا من قبل الشارع لم يكن لرفع اليد عن الاستصحاب وجه بسبب الأمارة ، لعدم ترجّحها عليه من جهة الحكومة ، لأنّ كلّا منهما يترتّب عليهما التنجيز والإعذار ، فافهم وتأمّل. وتمام الكلام في أواخر مباحث الاستصحاب في تعارضه مع الأمارة.
في قيام الاصول مقام القطع
ويقع الكلام في الاصول المحرزة تارة ، وفي غيرها اخرى.
أمّا الكلام في الاصول المحرزة وهي نظير الاستصحاب وقاعدة الفراغ والتجاوز بناء على أنّهما من الاصول ، وأمّا بناء على أنّهما من الأمارات كما هو غير بعيد فلا كلام لنا عنهما.
(والظاهر أنّ الاصول المحرزة من الأمارات الّتي هي في طول الأمارات الاصطلاحيّة ، وما ذكر فرقا بين الاصول والأمارات بأنّ الأوّل ما أخذ الشكّ في موضوعه والثاني ما كان الشكّ موردا له ، فمن المشهورات الّتي لا أصل لها ،
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.