مبحث الاستصحاب
ويقع الكلام في جهات :
الاولى : في تعريف الاستصحاب ، وقد عرّف بتعاريف كثيرة زعم الشيخ الأنصاري أنّ أسدّها إبقاء ما كان (١). وذكر الآخوند قدسسره أنّ عبارات الأصحاب في تعريف الاستصحاب وإن كانت شتّى إلّا أنّها تشير إلى مفهوم واحد ومعنى فارد ، وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شكّ في بقائه (٢).
ولا يخفى أنّ ما ذكره من التعريف هو توضيح تعريف الشيخ الأنصاري قدسسره إلّا أنّ ما ذكره في كون التعاريف مشيرة إلى مفهوم واحد غير تامّ.
والإنصاف أنّ في الاستصحاب أقوالا لا يمكن أن يعرّف الاستصحاب بتعريف يكون جامعا بين الأقوال ، بل لا بدّ من تعريف أهل كلّ قول له بتعريف خاصّ. فمن يرى أنّ الاستصحاب حجّة من باب الأمارات كأكثر المتقدّمين من الأصحاب (٣) لا بدّ أن يعرّفوا الاستصحاب بأنّه عبارة عن كون شيء متيقّنا سابقا ومشكوكا لاحقا ، ولا يمكن أن يعرّف بأنّه إبقاء ما كان ، فإنّ إبقاء ما كان منكشف من
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٩.
(٢) كفاية الاصول : ٤٣٥.
(٣) كالشيخ والسيّدين والفاضلين والشهيدين وصاحب المعالم ، انظر الفرائد ٣ : ١٣.