الاستصحاب والاستصحاب بما أنّه أمارة كاشف لإبقاء ما كان ؛ لأنّ الغالب في شيء كان مسبوقا بالبقاء حصول الظنّ ببقائه فهو كاشف نوعا عن إبقاء ما كان لا أنّه نفسه.
كما أنّ تعريف الآخوند قدسسره له أيضا بقوله : الحكم ببقاء ما كان ، كذلك لا يخلو من ضعف بناء على كون الاستصحاب أمارة ؛ لأنّ الحكم ببقاء ما كان مستكشف بالاستصحاب لا أنّه هو نفسه. نعم الاستصحاب بناء على الأماريّة عبارة عن كون شيء متيقّنا سابقا مشكوكا لاحقا ، ولا يرد عليه ما أورده الشيخ بأنّ هذا مورد له (١) بل هو نفسه عين الاستصحاب ؛ لأنّ كونه متيقّنا ومشكوكا هو الموجب للظنّ بالحكم فهو نفس الأمارة ؛ لأنّها ما توجب الظنّ بالحكم. وإن شئت عرّفته بأنّه الظنّ ببقاء اليقين السابق لا ما كان ؛ لأنّه ليس في أخبار الاستصحاب تعرّض للمتيقّن أصلا وإنّما تتعرّض لنفس اليقين. هذا تعريفه بناء على كونه من الأمارات.
وأمّا بناء على كونه من الاصول العمليّة كما هو الحقّ فيصحّ حينئذ تعريفه بأنّه الحكم ببقاء اليقين السابق ؛ لأنّ الاصول العمليّة أحكام مجعولة بحسب الظاهر ولا يصحّ تعريفه بأنّه إبقاء ما كان ؛ لأنّ الأخبار كما ذكرنا لا تعرّض لها بالنسبة إلى المتيقّن وإنّما تتعرّض لإبقاء اليقين بقولها : «لا تنقض اليقين بالشكّ».
الجهة الثانية : في كون الاستصحاب مسألة اصوليّة أم لا؟ أمّا بناء على ما اخترناه من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة فهو قاعدة فقهيّة بحتة كقاعدة الطهارة ، وأمّا بناء على إجرائه في الأحكام الكلّية فقد ذكرنا في أوّل مباحث الألفاظ أنّ الميزان في كون المسألة اصوليّة هو أنّها يترتّب عليها مستقلّة حكم كلّي ، والاستصحاب بما أنّه يترتّب عليه حكم كلّي يكون مسألة اصوليّة ؛ وذلك لأنّ الاستصحاب في الشبهات الحكميّة إذا عرضت للمجتهد فكان متيقّنا بوجوب صلاة الجمعة ثمّ عرض له الشكّ في بقاء الوجوب فبالاستصحاب يثبت
__________________
(١) انظر الفرائد ٣ : ١٠ ـ ١١.