بتقريب أنّ الشكّ في رافعية الموجود يؤول إلى كونه نقضا لليقين باليقين لا بالشكّ فيخرج عن مدلول أدلّة الاستصحاب ، وذلك لأنّ الشكّ في رافعيّة الموجود مثل الشكّ في رافعيّة المذي للطهارة من ناحية الشبهة الحكميّة أو في رافعيّة المردّد بين كونه بولا أو مذيا في الشبهة الموضوعيّة كان متحقّقا قبل خروج المذي والمردّد بين المذي والبول ولم يكن ناقضا ، وإنّما أوجب خروجهما اليقين ، فهو من نقض اليقين بالطهارة باليقين بالخروج فليس من نقض اليقين بالشكّ ، لأنّ الشكّ لم يحدث بهذا الخروج ، وإنّما كان من قبله فإنّا كنّا شاكّين في ناقضيّة المذي حكما وفي ناقضيّة هذا المردّد ولم نكن نرتّب لذاك أثرا.
والجواب : أنّ اليقين بحدوث الخروج وإن كان متحقّقا إلّا أنّ الناقض لا بدّ أن يكون بينه وبين المنقوض اتّحاد من ناحية المتعلّق.
وبالجملة ، اليقين الناقض والمنقوض يلزم أن يكون متعلّقهما واحدا ليتحقّق النقض ، والمتيقّن سابقا هو الطهارة وهو المشكوك بعد خروجهما فيستصحب ، والمتيقّن الآن خروج هذين ولم يكن عدمه سابقا متيقّنا فكيف ينقض به؟
ودعوى أنّ الشكّ كان قبل ذلك ، مسلّمة إلّا أنّ ذلك الشكّ في الحكم الكلّي والشكّ الآن في المصداق الخارجي من ناحية انطباق ذلك العنوان الكلّي عليه ، فالشكّ في المقام ناشئ من الشكّ في تلك الكبرى الكلّية وهي أنّ المذي ناقض أم لا ، والمردّد بين البول والمذي ناقض أم لا؟ والشكّ في النتيجة إمّا أن يكون منشؤه الشكّ في الصغرى أو الشكّ في الكبرى ، ففي الموضوعيّة الشكّ في الصغرى ، فإنّه عالم بأنّ البول ناقض والمذي ليس بناقض مثلا وإنّما الشكّ في أنّ الخارج من أيّهما ، وفي الحكميّة الشكّ في الكبرى فإنّه عالم بأنّ الخارج منه مذي ، وإنّما الكلام في أنّ المذي ناقض أم لا؟ هذا تمام الكلام في هذا التفصيل ولا نتعرّض لذكر بقيّة التفاصيل.
في الأحكام الوضعيّة والتكليفيّة
قد جرى ديدن الاصوليّين للتعرّض للأحكام الوضعيّة في الاستصحاب ليعلم أنّ