وثالثا : أنّ الملكيّة مثلا من أيّ حكم ينتزع وكلّ حكم من هذه أحكامها قد يترتّب على ما ليس بملك ، مثلا لو انتزع الملكيّة من جواز التصرّف فجواز التصرّف ثابت للوليّ مع أنّه ليس بمالك وغير ثابت للصبيّ مع كونه مالكا.
بالجملة ، فكلّ حكم اريد انتزاع الملكيّة منه يكون بينه وبينها عموما من وجه ، مثلا لو اريد انتزاع الزوجيّة من جواز الوطي فقد لا يجوز مع بقاء الزوجيّة كالحائض ، وقد يجوز الوطي مع عدم الزوجيّة كملك اليمين مثلا أو للضرورة عند دفع القتل عن نفسه مثلا ، وكذا غير هذا الحكم.
ورابعا : أنّ هناك أحكاما لا يمكن بل يستحيل انتزاعها كالحجّية مثلا ، فإنّ الشارع إذا اعتبر حجّية البيّنة مثلا فالحجّية من أيّ تكليف يتصوّر انتزاعها؟ أمن وجوب ترتيب الآثار عليها؟ والحال أنّ بعصيان هذا الحكم يسقط والحجّية بعد باقية لا تسقط ، ولو كانت منتزعة منه لسقطت بسقوطه ، والحال أنّ الحجّية لا تسقط فعلم أنّها ليست منتزعة منه وإنّما هي مجعولة استقلالا.
بقي الكلام في أشياء وقع النزاع في أنّها امور واقعيّة كشف عنها الشارع أو امور اعتباريّة.
فمنها : الطهارة والنجاسة ، وقد ذهب الشيخ الأنصاري قدسسره إلى أنّها امور واقعيّة كشف عنها الشارع (١).
فإن أراد أنّها أشياء حسيّة إلّا أنّها غير مدركة لنا وإنّما هو المدرك لها ، فتكون جميع الروايات الواردة في بيان الطاهر والنجس كلّها إخبارات عن الواقع المجهول لنا ، فهذا يكاد أن يقطع الإنسان بعدمه ، إذ أيّ شيء عرض على هذا المشرك عند تكلّمه بالشهادتين أو أيّ شيء كان موجودا فيه فعدم ، بل وأيّ شيء كان ابنه
__________________
(١) كتاب الطهارة ٥ : ٢٠.