الصغير واجدا له ففقده عند نطق أبيه بالشهادة ، مضافا إلى أنّه خلاف ظاهر الأخبار ، لأنّ ظاهرها نطق الشارع بها بما أنّه شارع والّذي يناسبه إنّما هو الإنشاء.
وإن أراد بالأشياء الواقعيّة ملاكات الأحكام والمصالح والمفاسد وأنّه لا بدّ من مصلحة في اعتبار هذا طاهرا وهذا نجسا ، فهذا مسلّم ، ولكن لا يخرجهما عن كونهما اعتبارين كبقيّة الأحكام.
وبالجملة ، كونهما أمرين واقعيّين خلاف ظواهر الأخبار ، مع أنّه لا معنى لها في ظرف الشكّ كما في قوله : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (١) فإنّها لو قصد بها الإخبار لزم الكذب في كثير من موارد الشكّ حيث يكون نجسا في الواقع.
ودعوى : كونه دليلا تنزيليّا فهو يخبر بتنزيل المشكوك منزلة الطاهر نظير قوله صلىاللهعليهوآله : «الطواف في البيت صلاة» (٢) و «الفقّاع خمر استصغره الناس» (٣).
مدفوعة باقتضائها صحّة الوضوء في الماء المشكوك طهارته ونجاسته وإن انكشف نجاسته ولا نظن أنّ الشيخ الأنصاري يلتزم بذلك ، مع ظهور الأدلّة بخلافه كموثّقة عمّار : فيمن اغتسل أو غسل ثوبه بماء ثمّ انكشف أنّ فيه فأرة فأمره عليهالسلام أن يغسلها ثانيا (٤).
وكيف كان ، فالظاهر أنّ الطهارة والنجاسة حكمان وضعيّان مستقلّان بالجعل.
ومنها : الصحّة والفساد ، وقد ذكر بعض أنّهما مجعولان ، وآخر أنّهما أمران واقعيّان ، وفصّل ثالث بين الأحكام التكليفيّة فليسا بمجعولين ، لأنّ الصحّة عبارة عن مطابقة المأتيّ به للمأمور به وهي أمر واقعي لا ربط له بالجعل ،
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٠٥٤ ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ٤.
(٢) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ ، الباب ٣٨ من أبواب الطواف ، الحديث ٢.
(٣) الوسائل ١٧ : ٢٩٢ ، الباب ٢٨ من أبواب الأشربة المحرّمة ، الحديث الأوّل.
(٤) الفقيه ١ : ٢٠ ، باب المياه وطهرها ونجاستها ، الحديث ٢٦.