وبين المعاملات فالصحّة فيها مجعولة ، لأنّها عبارة عن ترتيب الآثار وترتيب الآثار بيد الشارع فهما في المعاملات مجعولان.
وربّما فصّل بين الصحّة والفساد الواقعيّين فليسا بمجعولين مطلقا وبين الظاهريّين فهما مجعولان ، لأنّ الواقعيّين عبارة عمّا ينتزع من مطابقة المأتيّ به للمأمور به ، سواء العبادات والمعاملات ، فإنّ صحّة المعاملة أيضا عبارة عمّا ينتزع من انطباق ما جعله الشارع سببا للملكيّة على الموضوع الخارجي ، وهذا بخلاف الظاهريّين كما في قاعدة التجاوز والفراغ فإنّه جعل للصحّة ـ أي لتماميّة الأجزاء والشرائط ـ بعد تجاوز المحلّ أو بعد الفراغ. وهذا التفصيل هو اللائق بالقبول.
ومنها : الرخصة والعزيمة في موردهما كسقوط الأذان والإقامة في بعض الموارد ، ومعنى العزيمة فيهما سقوط أمر الأذان والإقامة بتمام مراتبه ، ومعنى كون سقوطهما رخصة سقوط أمرهما ببعض مراتبه وهي مرتبة شدّة الطلب ، وحينئذ فلا ربط لهما بالجعل وليسا من الأحكام الوضعيّة أصلا ، لأنّ كون الأذان حراما لأنّه تشريع أو ليس بحرام بل فيه استحباب أيّ ربط لهما بالحكم الوضعي؟ فافهم.
ومنها : الماهيّات المخترعة للشارع كالصلاة والصوم والزكاة والحجّ ، وقد ذكرها الشهيد (١) بعنوان الماهيّات الجعليّة الظاهر في كونها مجعولة ، وقد تبعه الميرزا النائيني قدسسره (٢) فاختار كونها مجعولة ، فجعل المجعولات ثلاثة : الأحكام التكليفيّة ، والأحكام الوضعيّة ، والماهيّات المخترعة.
والظاهر أنّها غير مجعولة ، لأنّ لها مراحل ثلاث :
الاولى : في عالم التصوّر لهذه الماهيّة المركّبة ، وتصوّرها وإن كان يوجب وجودها في عالم الذهن إلّا أنّ هذا الوجود تكويني في كلّ متصوّر ، فإنّ تصوّر الجدار أيضا يوجب حصول صورته في عالم الذهن إلّا أنّ هذا ليس جعلا وإلّا لزم جعله.
__________________
(١) انظر القواعد والفوائد ١ : ١٥٨ ، القاعدة ٤٢ ، فائدة ٢.
(٢) انظر أجود التقريرات ٤ : ٧٤.