ونحتمل أن يكون هذا نقضا لليقين باليقين ، إذ على تقدير كونه هو الحدث الأوّل يكون قد ارتفع قطعا.
ولا يخفى عليك أنّ اليقين ليس من الامور القابلة لأن يشكّ فيها واحتمال كون النقض نقضا باليقين هو معنى الشكّ ، (فإنّ المرتفع يقينا هو ذات الحدث السابق لا بوصف كونه حاصلا عند خروج هذا المنيّ مثلا ، بل هو بهذا الوصف مشكوك الارتفاع) (١) ، وسيأتي فيه الكلام عند تعرّض الآخوند لاعتبار اتّصال زمن الشكّ بزمن اليقين.
هذا تمام الكلام في استصحاب الكلّي. وقد ظهر أنّ القسم الأوّل والثاني والرابع يجري فيها استصحاب الكلّي دون الثالث بكلا شقّيه خلافا للشيخ الأنصاري حيث جوّزه في الأوّل وهو ما احتمل وجود فرد مقارن لوجود الفرد المتيقّن زواله (٢).
وربّما اشكل على الشيخ الأنصاري في ذلك بأنّ من نام ثمّ جلس صباحا واحتمل جنابته أن يجب عليه الاغتسال مضافا إلى الوضوء ، لأنّه بمجرّد الوضوء يشكّ في ارتفاع كلّي الحدث السابق ، إذ يحتمل مقارنة الحدث الأكبر للحدث الأصغر. والجواب بأنّه في أوّل الليل كان محدثا بالأصغر قطعا ولم يكن محدثا بالأكبر قطعا فيستصحب تلك الحالة ، إذ أنّ الحدث الأصغر الغير المجامع للحدث الأكبر هو الّذي يجب له الوضوء ، هذا تمام الكلام في استصحاب الكلّي.
التنبيه الخامس : في جريان الاستصحاب في التدريجيّات
ويقع الكلام في نفس الزمان أوّلا فنقول : إنّ الزمان بنفسه أمر موجود بحسب الدقّة العقليّة وبحسب البرهان العقلي أيضا ، إذ وجود الجزء الّذي لا يتجزّأ محال ،
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) فرائد الأصول ٣ : ١٩٦.