مساوق للوحدة ، كان في نفس الزمان أو الحركة من الزماني. وحيث عرفت أنّ الاستصحاب يجري حتّى فيما إذا كان الشكّ في المقتضي فلا مانع من جريان الاستصحاب في الصور الثلاثة.
ودعوى : أنّ أصالة عدم حدوث المقتضي الثاني حاكم ورافع للشكّ ، إذ لو علمنا بعدم المقتضي الثاني في الثالث فلا شكّ في البقاء حينئذ ، مدفوعة بأنّه مثبت ، لأنّ ترتّب عدم الأثر على أصالة عدم حدوث المقتضي عقلي فيكون من الاصول المثبتة.
بقي شيء وهو أنّ زعم الآخوند قدسسره تخلّل السكون في البين في مثل الحركة (١) ممنوع ، إذ إن كان مراده من السكون البطؤ في السير بحيث يعدّ سكونا عرفا كما في نموّ الشجر والإنسان فليس هذا سكونا حقيقيّا وإطلاق العرف عليه أنّه سكون خطأ في التطبيق ، وإن كان في غير ذلك كالحركة في المشي ، فليس فيها سكون عرفي ولا حقيقي أصلا. فما ذكره قدسسره بقوله : بل وإن تخلّل بما لا يخلّ عرفا ، لا يتمّ في مثل الحركة أصلا.
وأمّا الجريان فالكلام فيه عين الكلام في الحركة بل هو قسم من الحركة ، فإنّه حركة الماء وانتقاله من مكان إلى آخر ، ويأتي فيه عين ما ذكر في الحركة من كون الشكّ تارة في المقتضي واخرى في الرافع ، وأنّ الوحدة فيها حقيقيّة لا عرفيّة فقط ، وأنّ الاتّصال مساوق للوحدة ، فعدّ النائيني (٢) له قسما في قبال الحركة لم يعلم وجهه.
وأمّا التكلّم فالكلام فيه عين الكلام في المتقدّم غير أنّ الكلام لا يكون الاتّصال فيه مساوقا للوحدة ، فليس فيه وحدة حقيقيّة ، إذ المتكلّم لا بدّ له من سكون للنفس مثلا ، فالوحدة في التكلّم اعتباريّة تتبع اعتبار المعتبر ، مثلا القصيدة يعتبرها المنشئ لها كلاما واحدا ، فلو شكّ في أنّه انتهى من قراءتها أم لا فيستصحب قراءتها وكذا الكلام في القرآن.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٦٤.
(٢) فوائد الاصول ٤ : ٤٤١.