التنبيه السادس : في الاستصحاب التعليقي
وفيه قولان : أحدهما : الجريان ، والثاني : العدم. وهو الأقوى. ثمّ لا يخفى أنّ الكلام في استصحاب الحكم التعليقي إنّما هو بعد جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية (*) وأمّا إذا قلنا بعدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية فبطلانه غنيّ عن البيان ، إلّا أنّه لو قلنا بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية يقع الكلام في الاستصحاب التعليقي.
والكلام فيه يتوقّف على تقديم مقدّمة ، وهي أنّ الشكّ في جميع موارد الشكّ ، إمّا أن يتعلّق بموضوع أو حكم ، وتعلّقه بالحكم لا بدّ أن يكون من جهة أخذ عنوان موضوعا للحكم ويشكّ في تحقّق ذلك العنوان بقاء وعدمه ، وذلك فإنّ الحكم قد يتعلّق بعنوان يفهم العرف بمناسبة الحكم والموضوع أنّ العنوان لا مدخليّة له في ثبوت الحكم وإنّما جعل مرآة لذات المعنون ، فالحكم دائر مدار ذات المعنون مثل قوله : الحنطة حلال ، فإنّ العرف يرى هذا الحكم ليس دائرا مدار عنوان الحنطة ، بل يجري بنفس دليل الجعل حتّى لو صارت تلك الحنطة دقيقا أو خبزا أو غيرهما من فروعها.
وقد يتعلّق الحكم بعنوان يقطع العرف أيضا بمناسبة الحكم والموضوع دوران الحكم مدار ذاك العنوان ويرى إسراءه إلى ذات المعنون مع خلوّها عن ذلك العنوان ، من قبيل إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر أو من قبيل الحكم الثاني المماثل بحيث لا يعدّه هو عين الأوّل ، وذلك مثل قوله : المسكر حرام ، والكافر نجس ، فإنّه لو زال عنه وصف الإسكار وعنوان الكفر لا يرى العرف ثبوت الحكم الأوّل له ، فلو ثبت الحرمة أيضا والنجاسة يرى العرف أنّه حكم مماثل للحكم الأوّل لا نفسه.
__________________
(*) لا يخفى أنّ الاستصحاب التعليقي يجري حتّى إذا قلنا بمنع جريان الاستصحاب في الحكم الكلّي للمعارضة ؛ لأنّ بجريانه يسقط استصحاب عدم الجعل لمعارضته به ، بخلاف ما لو قلنا بعدم جريانه فاستصحاب عدم الجعل حينئذ محكّم لا معارض له. (الجواهري).