في ما ذكره المحدّثون من المنع عن العمل
بالقطع الغير الحاصل من الكتاب والسنّة
ويقع الكلام في موردين :
أحدهما : صحّة هذه النسبة إليهم وكذبها.
الثاني : أنّه على تقدير صحّة النسبة إليهم هل يمكن الالتزام بما ذكروه أم لا؟
أمّا الكلام في المقام الأوّل فقد أنكر الآخوند قدسسره هذه الدعوى (١) وأنّ نسبة ذلك إليهم غير صحيح ، بل إنّ كلامهم دائر بين أمرين : إنكار الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، أو المنع عن العمل بغير الكتاب والسنّة لعدم إفادته القطع ، والظنّ ليس بحجّة إن لم يدلّ دليل بالخصوص على حجّيته.
والإنصاف أنّ كلام السيّد الصدر صريح في أنّ القطع الغير الحاصل من الكتاب والسنّة ليس بحجّة (٢).
وكلام المحدّث الجزائري (٣) ظاهر في ذلك أيضا ، لحصره جواز العمل بالكتاب والسنّة والقطع البديهي ، فإنّ الظاهر منه أنّ القطع العقلي النظري لا يجوز العمل به.
وبالجملة ، فالمنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة ثابت عن بعض الأخباريين.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يمكن أن يكون مرادهم أنّ القطع إذا تعلّق بملاكات الأحكام الواقعيّة لا يمكن العمل عليه.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣١١.
(٢) انظر شرح الوافية : ٢١٤ (مخطوط).
(٣) نقل الشيخ عنه في شرحه على التهذيب ، انظر الفرائد ١ : ٥٤.