التنبيه الثاني عشر : [الكلام في استصحاب الصحة]
ذكر بعضهم (١) التمسّك باستصحاب الصحّة حيث يشكّ في عروض المانع حكما أو موضوعا ، فلو شكّ في كون الصلاة صحيحة مثلا أم لا من جهة عروض ما يشكّ في اعتبار عدمه في الصلاة وعدمه جرى استصحاب الصحّة ، وقد أشكل عليهم الشيخ الأنصاري قدسسره (٢) بعدم إمكان التمسّك بالاستصحاب ، إذا الصحّة المستصحبة إن اريد بها صحّة جميع الصلاة فهي غير متيقّنة حتّى تستصحب ، وإن اريد بها صحّة تلك الأجزاء فالقطع بها غير نافع ، لأنّ تلك الأجزاء إذ انضمّت إليها بقيّة الأجزاء وانعدمت عنها الموانع صحيحة قطعا ، وإنّما الكلام في انعدام الموانع وعدمه. ثمّ أفاد قدسسره إمكان جريان استصحاب الصحّة بالنسبة إلى الشكّ في عروض القاطع ، وهو ما جعله الشارع قاطعا للهيئة الاتّصاليّة كالضحك والاستدبار وإن وقع في الفترات المتخلّلة بين أجزاء الصلاة ، لأنّ الهيئة الاتّصاليّة من الامور التدريجيّة الموجودة في الخارج.
ولا يخفى أوّلا : أنّ التعبير بالقاطع والمانع مجرّد اصطلاح ، وفي الحقيقة لا فرق بينهما.
وثانيا : أنّ هذا الّذي فرضته قاطعا هل اعتبر عدمه في الصلاة أم لا؟ فإن قال لم يعتبر عدمه فهذه مقالة ظاهرة البطلان. وإن اعتبر عدمه أيضا فهو مانع من هذه الجهة ، وإن كان قاطعا من جهة اخرى فلا يجري الاستصحاب أيضا.
وثالثا : أنّ استصحاب الهيئة الاتّصاليّة ان أردت الهيئة الاتّصاليّة للصلاة كلّها فهي غير متيقّنة ، وإن أردت الهيئة الاتّصاليّة بالنسبة إلى خصوص هذه الأجزاء
__________________
(١) كالشيخ وابن إدريس والمحقّق والعلّامة والشهيد الثاني ، انظر الخلاف ٣ : ١٥٠ ، مسألة ٢٣٨ ، والمبسوط ٢ : ١٤٧ ، والسرائر ١ : ٢٢٠ ، والمعتبر ١ : ٥٤ ، والتذكرة ١ : ٢٤ ، وتمهيد القواعد : ٢٧٣.
(٢) انظر الفرائد ٣ : ٢٥٥ ـ ٢٥٨.