فالقطع بها لا يجدي فضلا عن الاستصحاب ، والتقريب ما تقدّم ، فالانصاف عدم الفرق بين كون الشكّ في القاطع أو في المانع في عدم جريان الاستصحاب حيث تكون الشبهة شبهة حكميّة.
نعم ، في الشبهة الموضوعيّة لا مانع من استصحاب الصحّة بمعنى استصحاب عدم عروض المانع أو القاطع ، فإنّه قبل الإتيان بما يشكّ فيه لم يكن آتيا بالمانع أو القاطع ، وأمّا في الشبهة الحكميّة فالمرجع هو البراءة أو الاحتياط على الكلام في الشكّ بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين وقد تقدّم.
التنبيه الثالث عشر : [الكلام في استصحاب الكتابي لشريعته]
بسم الله الرحمن الرحيم ، جريان الاستصحاب متوقّف على امور أربعة :
الأوّل : أن يكون له ـ أي للمكلّف ـ يقين بتحقّق ذلك الأمر أو بانعدامه.
الثاني : أن يكون له شكّ في البقاء بالنسبة إلى ذلك المتيقّن حدوثه.
الثالث : أن يكون له أثر يترتّب عليه في ظرف الشكّ ، فلو لم يترتّب عليه الأثر في ظرف الشكّ لاعتبار العلم موضوعا فيه لم يجر أصلا.
الرابع : أن يكون ذلك كلّه بعد الفراغ عن ثبوت حجّية الاستصحاب ، فلو لم يثبت حجّية الاستصحاب لم يجده وجود اليقين والشكّ. ولا فرق فيما يجري فيه الاستصحاب بين كون أثره عمليّا جوارحيّا أو جوانحيّا كالبناء والالتزام وغيرها.
نعم ، لا يجري الاستصحاب في اصول الدين ، لأنّه يعتبر فيها اليقين ، والاستصحاب لا يفيد إلّا الظنّ. ومن هنا ظهر أنّ تمسّك الكتابي بالاستصحاب لحجّية شريعته السابقة غير تامّ ، لأنّه إمّا أن يستدلّ بالاستصحاب ، لأن يقنع المسلم أنّه على حجّة في دينه ، أو يستدلّ بالاستصحاب لإلزام المسلم بشريعة موسى أو عيسى مثلا ، فإن كان استدلاله إقناعيّا فإمّا أن يستصحب نفس نبوّة موسى مثلا أو يستصحب أحكام شريعته.