وإن أراد استصحاب شريعته وأحكامه ومع فرض حصول اليقين فالمسلم لا شكّ له في نسخ شريعة عيسى عليهالسلام ولو فرض الشكّ له فليس بمسلم حينئذ.
وإن أراد الكتابي استصحاب أحكام شريعته السابقة فهذا متين حيث لا يمنع منه مانع ، كما إذا علمنا إجمالا بنسخ جملة منها وكان الحكم المشكوك من غير ما علم نسخه فلا مانع حينئذ من جريان الاستصحاب فيه كما تقدّم.
ولا فرق في عدم جريان استصحاب النبوّة بين أن يكون منصبا إلهيّا أو يكون عبارة عمّا ذهب إليه الفلاسفة (١) من بلوغ النفس مرتبة كمال تطلع بسببها على اللوح المحفوظ ، إذ حتّى بناء على ما هو الحقّ من كونها منصبا إلهيّا فهو يعتبر اليقين فيه والعرفان وليس كسائر الأحكام يعتبر فيه الظنّ إذ النبوّة من اصول الدين. فما يظهر من عبارة الكفاية من جريان الاستصحاب في النبوّة (٢) بناء على ذلك لا يخفى ما فيه من الضعف. فعلم أنّ جريان الاستصحاب في إثبات النبوّة أو إثبات جميع أحكام الشريعة السابقة وهم في وهم ، فافهم وتأمّل.
التنبيه الرابع عشر : [دوران الأمر بين التمسك بعموم العام واستصحاب حكم المخصّص]
ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه عدم جريان الاصول العمليّة حيث يوجد الأصل اللفظي ، لأنّ الأصل اللفظي يرفع موضوع الأصل العملي وهو الشكّ ، إذ بجريان الأصل اللفظي يرتفع الشكّ قطعا ، ومن هنا كانت الاصول اللفظيّة حاكمة على الاصول العمليّة أو واردة على الكلام والنزاع في ذلك. والاستصحاب بما أنّه أصل عملي يحكم عليه الأصل اللفظي أو يرد عليه ، إنّما الكلام وقع في بعض الموارد
__________________
(١) انظر شرح المنظومة ، قسم الحكمة : ٢٧٢ (الحجرية).
(٢) كفاية الاصول : ٤٨٢.